تشققت أصوات المواطنين وهم يشتكون من وجود المصانع داخل أحيائهم، وصاحوا حتى ظهرت (لوزهم) تخوفا من المخلفات الطبية. ولأننا متخلفون جدا في الجانب البيئي، تعددت مشاكل البيئة في البر والبحر والفضاء. ووصلت نسب التلوث على الشواطئ نسبا مرتفعة وخطرة ومع ذلك لا أحد يهتز له بدن أو يتبرع أي منا ب (فتل) شنبه ويضرب على صدره قائلا: أنا لها! وجملة (أنا لها) نطلقها فقط إذا كانت هناك امرأة تبحث عن حل لمشاكلها فنبادر بضرب الصدور تقربا وزلفى لن ترضى أي امرأة (بدلاختنا). على أية حال، بلغ التلوث حدا عظيما في مدينة جدة (وخاصة على الشواطئ)، ولأن ثقافتنا البيئية محصورة على محاربة التدخين فقد نسينا محاربة بقية الملوثات التي تنخر في صحتنا ونحن نغط في نومنا أو نركض في مشاويرنا. ومن أخطر الملوثات ما يتم إلقاؤه من المستشفيات، وبعد سنوات من تواجد هذه النفايات الطبية في شرق جدة أقرت أمانة محافظة جدة تدوير المواد الطبية إلى منطقة بحرة، وأعطت الشركة المشغلة مهلة شهر لتوقيع عقد مع شركة جدة للتطوير العمراني يتم بموجبه نقل المصنع إلى موقعه الجديد في أسرع وقت ممكن. وأعجبتني جملة (في أسرع ما يمكن) حيث تشير الجملة على الحرص في حماية السكان من وباء النفايات الطبية (والتي تحمل كل أنواع الفيروسات المسببة للأمراض القاتلة وغير القاتلة) .. لكن هذه السرعة تباطأت سنوات طويلة بالضرورة أنها خلفت مصابين بشتى أنواع الأمراض (في تلك المنطقة على الأقل). والجميل أن هذا الأمر المتعجل جاء بعد أن أكدت تقارير أعدتها الإدارات المختصة في الأمانة خطورة الوضع وضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة تضمن المحافظة على صحة المواطنين. والجميل أيضا اعتراف الأمانة بخطورة النفايات الطبية على المواطنين، وهذا يعني أن وجودها من سنوات قد أصاب البعض بأمراض خطيرة، فهل هذا الاعتراف يمكن أن يستمسك به المصابون كدليل على الإضرار بهم ويحملونه في مقاضاة عادلة تعوضهم عما خسروه من صحة؟ هذا سؤال ننتظر جوابه لو أن هناك متضررين تقدموا بالشكوى لمحاكم جدة. وإذا اعترفت تقارير الأمانة بخطورة تدوير المواد الطبية ونقلها إلى بحرة يصبح السؤال: هل تتم حماية أهل جدة مقابل الإضرار بأهل بحرة؟ أم تظن الأمانة أن بحرة هي (بحر) ولأنها ألفت تلويث البحر فهي لن تتورع عن إلقاء النفايات الطبية بين سكان بحرة؟ هو سؤال سقط مني سهوا. وقبل هذا يجب علي الاعتراف بأن المهندس هاني أبو راس هاتفني في كثير من المواضيع التي تطرقت لها عن الأمانة، فالرجل كما يبدو عازم على تخليص جدة من معوقاتها الكثيرة، ومع كل مقال يكتب يعد بتخليص جدة مما تجد فقط يبحث عن الوقت الذي يمكنه من فكفكة عقد جدة. ولأن الكاتب مثله مثل المتضرر تجده يصيح حتى بعد تطييب الخاطر. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 159 مسافة ثم الرسالة