من جديد أعيد التذكير ورفع لوحة «لا تستهينوا بالإعلام الجديد»، وأنا أرقب عن كثب انقلاب معادلة «التأثير» من جديد، الأمر الذي أوصلني إلى حد القناعة المطلقة بأن صناعة الرأي العام لم تعد احتكارا للمؤسسات الإعلامية العريقة أو لكتاب الأعمدة الصحافية، وإنما لكل «مواطن» قادر على أن يلج القنوات التفاعلية التي تعد عنصرا أساسيا في تكوين الإعلام الجديد. تحدثت بإسهاب في مقال قريب «المغردون على شجرة تويتر» عن التأثير منقطع النظير الذي قاده عشاق التدوين على شبكة الإنترنت في حل مشكلة «سمر» داخل أروقة القضاء، واليوم أرجع البصر كرتين وأنا أشاهد تفاعلهم اللامحدود في رصد ما يمس المجتمع داخليا وخارجيا، وخير استشهاد في ذلك، الحملة المضادة التي شنت ضد التصريحات العنصرية لواحد من الإعلاميين الكويتيين على خلفية عبارته المأفونة «بقايا الحجاج ما يفوزون»... دعوني هنا أوضح لكم التسلسل في معادلة التغيير، أحد المتفاعلين مع أقنية الإعلام الجديد رصد تلك العبارة المشينة على صفحات «تويتر»، ودفعته الغيرة إلى إطلاق ما يعرف ب «هاش تاغ» على نفس الموقع، وهو مصطلح يرمز إلى حشد جميع التعليقات والآراء حول الموضوع على صفحة واحدة، ومن هنا أوقدت شرارة التفاعل وأصبح الكل يدلي بدلوه إلى أن تجاوز الخبر حيز الشبكة الاجتماعية إلى تفاعل المواقع وصياغة الأخبار في الصحف الإلكترونية، وجميعها يعتمد على ما دونه المعترضون، ثم ينتقل الخبر إلى الصحف الورقية التي لم يزل بعضها «نائما في العسل» أمام المد الجديد، وفي نهاية الأمر تصبح الحادثة أخصب موضوع للبرامج الرياضية على الفضائيات، وفي 48 ساعة بعد تداول الخبر وتنقله في الوسائل المختلفة يظهر «المسيء» معتذرا للجميع عن تلك العبارة. لتفهموا حجم التغيير في هرم التأثير، تذكروا بأن راصد المقولة هو شخص واحد لا ينتمي إلى المشهد الإعلامي التقليدي بأي صفة، وعبر قناته التفاعلية الوحيدة استطاع أن يجعل الخبر حديث الأوساط المهتمة وتحويل القضية إلى مجال الرأي العام، وهو ذات النسق الذي سارت عليه قضية «سمر» وفيضانات جدة داخل ميادين الإعلام الجديد، وبذلك لم يعد مشهد المداولات معترفا بمنطق احتكار التأثير لشريحة دون أخرى، بل سقطت دعاوى المروجين لهذا المفهوم، فمن كان له «رأي» فدونه التدوين وبمقدار صدق فكرته ورصده سيجد التفاعل لا محالة. مشهد الإعلام الجديد مفتوح للجميع، و«أخزم» الذي اعتاد على شنشنته في التباكي والتهويل بأن صوته محجوب، نقول له: الميدان يا حميدان، ولن ينفع الأسد الحياء من الطوى. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 128 مسافة ثم الرسالة