منذ نحو ثلاثة أشهر أصبحت من المستخدمين اليوميين لتويتر وذلك في مسعى مني للتواصل بشكل دائم مع مجتمع افتراضي لديه القدرة في إيصال المعلومة الجادة و السطحية و المرحة و الخطيرة و في أسرع وقت و بطريقة مختصرة تتناسب مع نسق هذه الحياة التي نعيشها و التي لا تتحمل الإطالة و الديباجات و المقدمات اللغوية المقعرة و التي لا تسمن و لا تغني من جوع بل تهدر ثواني ثمينة هي في غاية الأهمية في هذا الزمن السريع و السريع جدا. كنت و لازلت من المستخدمين المخلصين للفيس بوك و الذي بالمقارنة مع تويتر يعد أخا أكبر و ربما أكثر إنضباطا من حيث الروح التقدمية و الساعية لإحداث التغيير دون أن يكون بالضرورة التمعن أحد المقومات و الأساسيات للنجاح، ففيس بوك لديه كثير من الإيجابيات و التي يمكن اختصارها في وصف استخدام هذا الموقع الاجتماعي الفريد بأنه يوفر للمستخدم صفحة أو ربما موقعا إليكترونيا شخصيا ينقل من خلاله حياته بكل أوجهها، فالماضي توثقه الصور و الحاضرة يتجلى بالتعليقات و الآراء و المستقبل توفره تحليلات الأصدقاء لشخصية صاحبهم هذا والذي وضع حياته هناك ليشارك بها جميع من حوله. تويتر بالمقابل أصبح كما أراه المكان الوحيد الذي يوفر للكثيرين مصدر آنيا للأخبار تجاوزت سرعته بمراحل وكالات الأنباء وموقعا أساسيا لمصادر المعلومة اغتال بها مهنيا في هذا العالم الإفتراضي ما عرفناه في الصحافة بالمراسل و كذلك أصبح المكان الوحيد الذي فيه من الشفافية ما يجعل لهذه الكلمة خطرا و جالبا للتوتر لجميع من لم يتعود عليها أو نافق تجاه مطالبته بها دون أن يكون مقتنعا بها، تلك الشفافية التي أوقعت عضو مجلس شورى من جهة و مسئول حكومي من جهة أخرى في حرج كبير تجاه ما سطرته أناملهم أو قالته شفاههم. بالنسبة لي كان فيس بوك الموقع الذي يؤكد وجودك في هذه الحياة، فإن لم تكن موجودا ضمن صفحاته فقد لا تكون موجودا من الأساس في هذه الحياة، بينما اليوم قد لا ينطبق ذات الوصف المبالغ فيه على تويتر إلا أنه بدون شك هو المكان الذي من خلال تواجدك فيه تحصل على الأخبار و المعلومات أولا بأول و بسرعة البرق، و الملجأ الحقيقي لمناقشة الأفكار و التفاعل معها بجرائه قد يستغربها أيضا أكثر المدونين و الصحفيين الإلكترونيين اندفاعا ممن لازالوا يعملون ضمن ارث الخطوط الحمراء المنبعثة من منطق الإعلام التقليدي. السؤال الأهم هنا هو ( ما الفرق بين تويتر و فيس بوك ؟) و لعل الإجابة على هذا السؤال تتطلب النظر إليه من حيث طريقة الإستخدام و الهدف من الإستخدام و طبيعة نظر الفرد للحياة، فإن كنت ممن يحب توثيق حياتك فالفيس بوك هو مكانك المناسب بينما لو كنت ممن يفضل التفاعل اللحظي فتويتر هو المكان المناسب بالنسبة لك، و إن كنت تحب التصفح البصري و التنقل بين المعلومة المكتوبة و الصورة و اللحن و الأفكار العميقة و لديك وقت طويل تقضيه مستمتعا بالقراءة والمشاهدة ففيس بوك هو مكانك المناسب، بينما إن كنت ممن لا يطيق الإنتظار وليس لديك متسع من الوقت للحصول على المعلومة والصورة و اللحن و الفكرة فعليك اللجوء لتويتر و الذي يوفر لك كل ما سبق بآلية أشبه ما تكون بكبسولة إلكترونية ( سريعة و تعطي المفعول المطلوب). المجموعات المتخصصة و المهتمة بمواضيع معينة ميزة أساسية للفيس بوك بكل ما تتضمنه من آليات و طرق تفاعل و تحريك و تأثير، بينما (الهاش تاغ) أو كما يعرف في تويتر ب( الوسم ) هو الرقيب الذي لا يرحم تجاه أي شخص أو موضوع أو قضية و التي بإمكانها أن تكون نقطة إنطلاق لحركة إجتماعية قادرة على التغيير و في ذات الوقت إسكات أي تجاوز أو تعدٍ يراه الأغلبية أنه خروج غير مقبول كل ذلك في عملية خلقت لدينا بحق ثقافة استطلاع الرأي غير الموجه. المقارنة بين الموقعين قد تتطلب وقتا طويلا ومن المؤكد أن الكثيرين تكلموا عن ذلك و لكن بالنسبة لي فإنني أحببت أن أسجل هنا بعضا من الأفكار التي أحاول أن أوثقها لكي تساعدني على تلمس الفروق الحقيقية بين الموقعين خصوصا و أنني في هذه المرحلة التي أدخل فيها عالما إفتراضيا جديدا علي فهم متطلباته و مخاطره وجمالياته وفروقاته من جميع الأوجه، وذلك بهدف أن تكون تجربتي مفيدة لي و لمن حولي. إعلامي سعودي alghaslan@تويتر