سيدو الغالي.. أكتب إليك رسالتي بالقلم الأخضر المفضل لديك، والذي أنا موقنة تماما أنه الآن يشفع لك، فكم استخدمته لتدافع عن مظلوم، وتطلب حق محروم، وتكتب عن مواضيع لرفعة هذه الأمة. بالأمس، مر أسبوع على يوم وفاتك، سامحني لأني لم أكتب إليك مبكرا، ولكن كان من الصعب علي أن أبدأ في كتابة رسالة إليك، ولأول مرة لا يمكنني أن أهديك إياها بنفسي. أثرت على كل من حولك من خلال خلقك الحسن، الصادق، وابتسامتك الدافئة التي كانت تشعر الجميع بأنك أبوهم. سيدو حبيبي، فوجئت بالكم الهائل من المعزين الذين بدا على وجوههم وكأنهم فقدوا أبا لهم، حتى أن الكثير منهم قالوا «أبونا مات»، «هذا أبونا كلنا»، لدرجة أنني احترت من لا أعزيه فيك، وأحسست بحرج أن ننفرد بتعزيتنا فيك نحن فقط، وكأنك العائل لكل من أدخلك في حياته. تعلمت منك الكثير في حياتك، ولعل أهم ما تعلمته منك هو صفة الرحمة، فلطالما كانت الرحمة ظاهرة في جميع تصرفاتك، حتى أنك كنت ترحم الطيور وتحسب حساب أكلها وشربها، كما هو حالك في شؤون الخلق. كما أنني تعلمت منك الحفاظ على النعم وشكرها، لأنها قليلا ما خرجت من بيت ثم عادت إليه. سيدو.. اشتقت إلى إنصاتك إلي وأنت تنظر إلي نظرة الجد الفخور، اشتقت إلى خفة دمك وتعليقاتك التلقائية، العفوية. إذا أردت الكتابة عن كل شيء تعلمته منك فلن تكفيني كتابة مجلد كامل، فلقد كنت مثالا حيا للشخصية المؤثرة. سيدو.. كان المعزون ينظرون إلي ويتمتمون «مسكينة ما لحقت توصل طيارتها عشان تودع سيدها قبل ما يندفن»، سمعتهم صامتة وأنا أقول في نفسي إنني لم أعترف بالوداع من قبل، ولن أعترف به لأنني متأكدة أن لقاءنا بإذن الله في جنة الفردوس الأعلى، مع من علمتنا حبه وحب آل بيته سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. رحلت، يا سيدو، ولم تعد بيننا، ولكن ستبقى ذكراك حية فينا. رحلت.. ولكن تركت خلفك من هو جدير بتحمل وإكمال مسيرة ما قدمته من أعمال وأفعال خالدة. سيدو عبده.. أوعدك أنك إن شاء الله لن تسمع منا إلا ما يسرك، ويبيض وجهك، فالطيب ما يزرع إلا طيبا. أسأل الله عز وجل أن يرحمك بواسع رحمته، وأن يبعثك شهيدا ملبيا يا سيد الناس. أخيرا، أرسل رسالتي إليك مع الحمام الذي يشبهك بسلام روحه، وأنا موقنة أنها ستصلك لأن الحمام سيكون وفيا لك كما كنت وفيا له. سويسرا 16/11/2010