بدا أن العوز رجل يمشي على قدمين في حي الأملاح (وسط نجران) فالعيد الذي يغير ملامح الناس ويكسو وجوههم بالابتسامات، كأنه لم يمر من هنا. الأطفال لا يعنيهم العيد في شيء، والشعور بالقسوة يكاد يفتك بالآباء وهم لا يجدون ما يقدمون لأطفالهم، كل هذا يحدث على مرمى حجر من إحدى الجمعيات الخيرية، فيما تواصل الشؤون الاجتماعية صمتها دون أن يحرك أحد ساكنا. «عكاظ» تجولت في حي الأملاح أول أيام العيد، في محاولة لمعايدة أهالي الحي والوقوف على أوضاعه ونقلها لمن يهمه الأمر، وزارت عددا من المنازل، بينها بيت شعبي صغير متهالك يسكنه 11 فردا بلا عائل، ولم تكن مفاجأة أن علمنا أن هذه العائلة ليست لها علاقة بالغاز، وتطهو طعامها بالحطب. تحدث لنا كبيرهم عبد الله محمد مبارك الذي يبلغ من العمر 20 عاما، وأكد بكل أسى أنه وعائلته يسمعون بمساعدات الجمعية الخيرية في العيد لكنهم لا يعرفونها، ويضيف «حتى لحم العيد غائب عن منزلنا ولم نفرح بهذا اليوم العظيم كبقية الناس، لذلك نلزم الصغار بالبقاء في المنزل لا يرون أقرأنهم ويتأثرون». وانتقلت «عكاظ» إلى منزل آخر متهالك مغلق الأبواب، وخرج منه أحد أفراد الأسرة ويدعى ناصر سودي، وحين حاولنا استفزازه ليبوح بما يجول في نفسه بالسؤال: كيف تغلقون أبوابكم في يوم العيد؟، جاء الرد سريعا : «نحن لا فرق بين يوم العيد وغيره من الأيام».، وبدأ بعد ذلك يسرد حكايته مؤكدا أن والدته سعودية، ولكن ليست لديهم أية هوية، يقول «لدينا معاملة في الأحوال المدنية في نجران وقد طواها الزمن وما زلنا بانتظار الفرج، خصوصا أننا جميعا من مواليد منطقة نجران»، وذكر خلال حديثه أن لديه ثلاث شقيقات، وحين طلبنا منه التحدث إليهن، اعتذر عن ذلك، وكان السبب أن ليس لديهن عباءات يمكن أن يخرجن بها إلى الشارع، وحول المساعدات التي تقدمها الجمعيات الخيرية، قال إن آخر مساعدة قدمت لهم كانت قبل عام، وهي عبارة عن بطانيات ومدفأة من مكرمة خادم الحرمين الشريفين.