تتميز الشخصية العربية بعامة، والسعودية بخاصة، بالشهامة والرجولة، وهي سمة قد تكلف صاحبها في عصرنا الراهن كثيرا من العنت، وكثيرا من المشكلات، وإذا كان من الصعب تغيير الشخصية، فمن اليسير تعديل القوانين والأنظمة البشرية، وإذا كانت الأحكام الربانية قد شهدت «النسخ» تيسيرا على العباد، وتخفيفا من معاناتهم، فما أجدر أن ينسخ البشر قراراتهم وأنظمتهم، رحمة بخلق الله. جاءتني على بريدي الالكتروني رسالة، ولم أعتد في مقالاتي بمناقشة ما يأتيني طوعا أو كرها من رسائل، على اعتبار أنها من باب الأمور الشخصية، لكن هذه الرسالة تحمل قضية تمس قطاعا كبيرا من المواطنين، وقد طلب مني صاحب الرسالة إيجاد حل لمشكلته، ولما كانت قدراتي البشرية محدودة، فلا «عصا موسى» عليه السلام معي، ولا مصباح «علاء الدين» السحري الذي قرأنا وسمعنا عنه في طفولتنا، فليس بمقدوري سوى الكلمة، والكلمة عند من يقدرها ذات شأن، وأمض وأقوى من وسائل أخرى عديدة، لذلك رأيت أن أعرض مشكلة القارئ العزيز، وأقترح معها بعض الحلول، على أن يسهم القراء الأعزاء في «فض الاشتباك» الحاصل في هذه الرسالة التي قال فيها صاحبها ضمن ما قال: «قبل سنتين كفلت أحد الأقرباء لدى شركة للتقسيط، وذلك قبل اعتماد نظام «سمة» ووجد عليه بعض المتأخرات في السداد، وتم إدراجي ككفيل معه في «سمة»، وأصبحت في القائمة السوداء، لا أستطيع شراء سيارة أو أرض أو عقار عن طريق البنوك أو الشركات الأخرى، لقد توقف حالي تماما بسبب إدراجي في «سمة» ككفيل. أتفهم أنني كفيل غارم، وذلك في حالة استدعائه من الحقوق، أو في حالة المطالبة بمكفولي قانونيا أو حتى الدفع عنه في حالة عجزه عن السداد نهائيا (لا يزال يسدد.. فقط متأخرات)، أما أن يدرج اسمي في القائمة السوداء قبل أن أعلم بهذا النظام أصلا عند الكفالة، أيضا تتوقف جميع مصالحي الحياتية وذنبي أني كفلت إنسانا طلب مني المساعدة وساعدته في حاجته». وضمت الرسالة جوانب مما يتعرض له صاحب المشكلة من «وقف حال» وتعطيل مصالح، ولعل فيما سبق ما يكفي لإيضاح حجم المشكلة التي في اعتقادي لها عدة أبعاد. فبغض النظر عن خصوصية المشكلة، فإن على أي إنسان ألا يضمن أو يكفل إلا من يثق في خلقه ودينه وصلاحه، ويعرفه معرفة جيدة، حتى لا يتورط الضامنون في مشكلات هم في غنى عنها، وفي الوقت ذاته على الطرف الآخر: المكفول، أن يتقي الله ربه في ديون الآخرين، وفي سمعة وسيرة من كفله وضمنه. ثانيا: لا أجد مبررا منطقيا في تطبيق نظام «سمة» بأثر رجعي على أشخاص لم يخطروا به، ولم يعرفوا عنه شيئا كما يقول صاحب الرسالة ففي هذا «تعسف» وخروج على كل عرف، وأظن أنه يفقد المواطن المصداقية والثقة في الشركات التي تنهج نهج الشركة المعنية في الرسالة. ثم إن على القائمين على نظام «سمة» أن يفرقوا في التعامل مع صاحب القضية الأصلي ومع الضامن أو الكفيل، وأن تكون هناك مرونة في التعامل، فالمدين حسبما جاء في الرسالة عليه متأخرات، وما زال يسدد، ولم يمتنع أو يتوقف عن السداد. المطلوب من جميع الأطراف المتداخلة في هذه المشكلة أن لا تحل القضايا العالقة بينها، أفرادا كانوا أم مؤسسات وشركات، بالسيف، وإنما من الضروري مراعاة البعد النفسي والبعد الاجتماعي للمواطن، وإيجاد الحلول المناسبة التي تعين المتعثرين في السداد، لا تهدمهم وتزيد من معاناتهم، مع الحفاظ على حقوق الشركات والمؤسسات التي لا جدال فيها. لا تبغضوا وتكرهوا الناس في صنع المعروف والإحسان، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟! [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 177 مسافة ثم الرسالة