عاش محمد عبده يماني في صمت ورحل في صمت، لا يعشق الأضواء، ولا الدخول في معارك المناصب والثراء، ظل طوال حياته وفيا لقيادته، خادما لوطنه، قريبا من المواطنين، فاستطاع بتواضعه الجم أن يسكن القلوب، وهو الرجل الذي سخر حياته لعمل الخير في كل جوانبه. من مكةالمكرمة التي ولد فيها عام 1359ه، بدأ تعليمه من أطهر بقعة من بيت الله الحرام، متتلمذا على أيدي مشايخ الحرم المكي، وأكمل تعليمه بروح المتطلع إلى رسم آفاق واسعة لمستقبل تعليمي مشرق يمكنه من خدمة وطنه، إلى أن انتقل إلى الرياض والتحق بجامعة الملك سعود، واستطاع بمثابرته الحصول على شهادة البكالوريوس مع مرتبة الشرف من قسم الجيولوجيا والكيمياء عام 1387ه. لم يتوقف طموح الشاب محمد عبده يماني آنذاك عند هذا الحد من التعليم، فقرر أن يشد رحاله إلى خارج الوطن، ليواصل رحلة التعليم، متحديا الظروف، ومتغلبا على الغربة، فسافر إلى أمريكا وقرر الالتحاق بجامعة كورنيل في أمريكا نيويورك وبجدارة نال شهادة الماجستير في اقتصاديات المعادن عام 1390ه، واختار الثروات المعدنية في المملكة عنوانا لبحث التخرج، وواصل دراسته إلى أن حصل على شهادة الدكتوراه عام 1391ه. عاد من جديد إلى جامعة الملك سعود في الرياض وعمل في سلك التدريس، وترقى على درجة أستاذ، ثم عين وكيلا لوزارة المعارف عام 1392هن فمديرا لجامعة الملك عبد العزيز في نفس العام ولمدة ثلاث سنوات. مثابرة محمد عبده يماني، وجهوده المخلصة، ونجاحاته الإدارية والأكاديمية، قادته إلى أن يصبح وزيرا للإعلام عام 1395ه ولمدة ثماني سنوات، ولأن الأضواء لا تغريه، عاد من جديد للتدريس في جامعة الملك عبد العزيز. رأس الراحل مجالس إدارات كثير من الشركات والمؤسسات، وساهم في دعم الجوانب الخيرية والتعليمية، وشارك بجهده في عضوية مجالس رابطة العالم الإسلامي، بنك التنمية، الجمعيات الخيرية للأطفال المعوقين، الجمعيات الخيرية لرعاية الأيتام، جمعيات مساعدة مرضى السكر، وغيرها من المناشط الثقافية والأدبية والإعلامية. ترك الراحل محمد عبده يماني وراءه مؤلفات وأبحاث أثرت المكتبات المحلية والعربية والعالمية، ونال أوسمة كانت بالنسبة له تتويج لعطاء صامت، وعمل جليل، يأتي في مقدمتها وشاح الملك عبد العزيز، براءة وسام الكوكب الأردني من ملك الأردن الراحل الملك حسين، براءة وسام من الرئيس الفرنسي، وسام برتبة قائد من جمهورية موريتانيا، وسام إيزابيل لاكاتوليكا مع براءته من ملك اسبانيا. رحل البارحة محمد عبده يماني، وستؤدى عليه صلاة الميت اليوم في الحرم المكي حيث بدأ تعليمه الأولي وسيوارى الثرى في مكةالمكرمة التي ولد فيها وعاد إليها ميتا محفوفا بالدعاء له بالرحمة والمغفرة.