يتهافت الحجيج هذه الأيام على مطاعم مكة الشعبية الواقعة في المنطقة المركزية، وتقفز أكلات الفول، المعصوب، الهريسة، الكبيبة، اللقيمات، الحليب البلدي، إلى قائمة الطلبات الأكثر رواجاً، لتعيش المطاعم حالة من الانتعاش لا تعرفها إلا في مثل هذه الأيام. وتعد الأوقات التي تعقب الصلوات الخمس في الحرم المكي مواعيد مهمة لزحام مطاعم المنطقة المركزية التي جذبت الحجاج كونها من أشهر الأكلات على مستوى العالم الإسلامي بحكم الاستقبال السنوي لأم القرى لشرائح متنوعة من المسلمين من شتى أصقاع العالم الأمر الذي قدم الأكلات الشعبية المكية وجعلها معروفة لدى الكثيرين. وفي مدينة مثل مكةالمكرمة تستقبل أكثر من خمسة ملايين حاج ومعتمر ينتمون لأكثر من 120 دولة موزعة على قارات العالم، فإن الأمر يفتح نافذة يمكن من خلالها الإطلالة على ثقافات متنوعة من الأطعمة في البلدان الإسلامية. ومن خلال مطاعم متخصصة يمكن التعرف على كثير من ملامح حياة الشعوب، كما أنها تحولت لطاولة لاجتماع الحجاج مع أبناء الجاليات، وتبقى المطاعم الإندونيسية، الهندية، الباكستانية، واليمنية الأكثر تواجداً على خارطة المطاعم في مكةالمكرمة وملمحا مهما من ملامح المشهد هناك وهو ما كشفته لنا العبارة «باكستاني سوئل» على واجهات المحال التي تميزها بقايا روائح الرز البرياني وإيدام المرقي وخبز الشباتي الشهير الذي ربما يكون أحد لوازم السفرة الآسيوية وتحديداً الباكستانية والهندية. المطاعم اليمنية ظهورها واضح هي الأخرى حيث اختارت مواقع سكن الحجاج اليمنيين وبروائح السلتة والحلبة وشواء الدجاج واللحم، واعتمدت في جذب الزبائن على بوابة الأسماء اليمنية للمدن والمعالم اليمنية مثل سبأ، عدن، تعز، شبوة، وتبقى البرمة والفحسة والعصيدة وعطف رشوش وبنت الصحن من بين أهم أنواع المأكولات التي تقدمها هذه المطاعم. وفي أم القرى تأتي المطاعم الإندونيسية كأهم مطاعم الجاليات التي تحظى بقبول الزبائن ليس من الإندونيسيين فحسب بل من فئات المجتمع المكي كافة ولا أدل على تصوير ذلك من أن هناك مطاعم إندونيسية نجحت في مواجهة حجم الطلب المتزايد عليها عبر توفير صالات خاصة للعائلات. وتشمل المأكولات التي تقدمها هذه المطاعم الساتي، سبمل، مخ كري، المكرونة الجاوية، كروب بلنجو، ناسي شامبور، وباسو، ويشترك في تقديمها أكثر من 15 مطعماً متخصصاً. ويلفت صابر دسوقي أستاذ الدراسات الفندقية إلى أهمية إيجاد قاعدة لتعلم فنون المطابخ الإسلامية والعمل على تزويد محطات الطرق ومقار الحجاج بطباخين يجيدون الأكلات الإسلامية من المطاعم الأفريقية والآسيوية.