قبل أعوام توفي زوجي تاركا لي رعاية أبنائي، ورغم حزني بموت زوجي لكني كنت فرحة أن الله عوضني بولد وضعت كل أحلامي وأحلام إخوته فوق كتفه، يحملها لينقلنا من الحزن إلى الفرح بعد موت والده، وكبر طفلي وأصبح رجلا والتحق بالعمل حتى أنني في الليلة الأولى التي تسبق ذهابه إلى عمله، وبالرغم من صحتي المتعبة حرصت على كي ملابسه بنفسي، وعلى السهر حتى الصباح خشية أن ينام ولا يستيقظ في موعده. وعندما شرقت الشمس وقبل أن يستيقظ أعددت له الإفطار وعند خروجه إلى عمله سبقته دعواتي بالتوفيق والنجاح، ورغم سهري لم يغمض لي جفن حتى عاد من عمله، ومضت الأيام ولحقت بها الأعوام وبدلا من أن تتحسن أحوالنا المادية بقيت كما هي إن لم تكن ساءت، فعلى الرغم من أن مدة خدمة ابني في عمله سبعة أعوام، لكنه للأسف يصرف كل ما يحصل عليه من أجر على أصحابه وفي يومين، بحجة التنزه وسداد ما استلفه منهم، وأصبح يكثر من الكذب وصار يدخن ويمضي الوقت خارج البيت حتى الفجر، ولا يخبرنا عن مكان وجوده، وإذا عاد يصنع مشكلة وقد يضرب أخواته البنات، ومهمل في المواظبة على صلواته، وكلامي صار لا يعجبه، ولا يلبي طلباتي إلا بعد أيام، وجواله لا يهدأ ويحدث أصحابه عن كل صغيرة وكبيرة تجري داخل المنزل، كل هذه التصرفات جعلتني أفكر كيف أتعامل مع ابني الذي قتل كل فرحي وأشعرني أننا أيتام بلا رجل بعد وفاة والده، فكيف أتعامل معه ؟. مريم جدة الواضح أن هناك سوء علاقة بينكم وبينه، وبالتحديد بينك أنت وبين ابنك، والكذب الذي بات واضحا في سلوكه يؤكد على أن ما يفعله يتلقى عليه قدرا كبيرا من اللوم، ولكي يهرب من هذا اللوم فهو يكذب، إضافة إلى أن الكذب يخرجه بتصوره من الحرج الذي يمكن أن يقع به فيما لو قال الصدق الذي يخالف ما تريدينه أنت كأم، وحيث إنه يدخن ويغيب هذا الوقت الطويل عن البيت وتراجعت صلاته، فالخشية من أن يكون لديه بعض الممارسات الخاطئة، والحل في خطوته الأولى أن يتحدث إليه شخص حكيم يحبه من عائلته، وهذه المسألة مهمة جدا، لأن كلامك لم يعد له إلا أثر واحد وهو أنك مؤنبة ومعاتبة وربما تتلفظين عليه في هذه المواقف بعبارات جارحة، أو مؤلمة تذكره بتقصيره في صلاته أو بسوء تصرفه معك أو بعدم تحمله للمسؤولية، وعليه فإن حديث الرجل الحكيم الذي يحبه سيساعده على التبصر بوضعه، وربما ساعد على تقريبه منكم، وإن كنت أشك بأن هناك سلوكيات غير جيدة، فأصحابه من المؤكد أنهم صاروا مصدر المتعة والتسلية ومن خلالهم يحصل على كل ما يريد، وتأخره في الزواج حتى سن 29 سنة لا يطمئن، سارعي بعمل ما أشرت عليك به، أو اذهبي به إلى استشاري أسري ونفسي للتحدث معه، لعل ذلك يجعله يتحدث عن مشكلته بصورة أفضل ولعله يجد لدى هذا الاستشاري ما يساعد على تعديل سلوكه، أما من ناحيتك فأنصحك باستخدام أسلوب يتسم بالحب وتحريك الشعور بالذنب لديه، بسبب ما يمارسه من تقصير بحق نفسه وبحق أسرته، بشرط عدم الدعاء عليه أو التلفظ بعبارات تحقرينه بها.