قد لا يدرك المقيمون في أم القرى ومن حولها مقدار ما هم فيه من نعمة الجوار أو القرب من بيت الله الحرام، حتى يقفوا على مواقف مؤثرة عن أشواق إخوانهم المسلمين الذين لا تسمح لهم ظروفهم المادية أو الصحية أو الاجتماعية بأداء المناسك ولو مرة في العمر، بينما يمكن للمجاورين والقريبين من أم القرى من سكان مدن ومحافظات المملكة التوجه إلى الأراضي المقدسة لأداء الحج أو العمرة وبتكاليف مالية لا تصل إلى عشر التكاليف المترتبة على أداء الحج للقادم من مختلف الأمصار الإسلامية ودول الأقليات، وقد رأيت ذات يوم حاجة مقبلة من داغستان تتحدث لإحدى الفضائيات فتقول إنها منذ بلغت العشرين من عمرها وهي تجمع القرش على القرش حتى يكون لديها تكاليف رحلة العمر فلما بلغت خمسين عاما من عمرها أصبح لديها المبلغ الذي يكفي لهذه الرحلة ولكنها ظلت تسافر سنويا من داغستان إلى موسكو، لتسجيل اسمها ضمن الراغبين والراغبات في أداء مناسك الحج فلا يتم اختيارها فتعود في العام القادم قاطعة آلاف الكيلومترات حتى أنها أكملت خمس عشرة رحلة وأصبح عمرها في الخامسة والستين فظهر اسمها في كشوف من تم اختيارهم فلم تزل تبكي فرحا حتى وصلت إلى الديار المقدسة ثم رأيتها خلال المقابلة وهي تجهش بالبكاء! وذات عام كنت في اندونيسيا ضيفا على المركز الإسلامي في جاكرتا لحضور ندوة في المركز فدعاني مديره إلى إلقاء كلمة في حشد الحاضرين وكان معي صديقي المحامي عبدالرحمن عطاس، فجعلت كلمتي دعاء للحاضرين بأن يكتب الله لهم أداء المناسك فدوت كلمة آمين ورأيت دموعهم تنساب شوقا إلى البلد الحرام فنظرت إلى زميل الرحلة وكأنني أقول له: كم نحن في نعمة ؟! وبحكم روابط المصاهرة مع أهل الشام فإنني إذا ما التقيت بشيوخ مسنين في محافظة دوما التي هي جزء من ريف دمشق، وعلموا أنني مقبل من مكةالمكرمة فإن الواحد منهم يدعو بصدق قائلا: «الله يطعمنا إياها»، وقد علمت أن معظمهم قد وافته المنية ولم يتحقق له حلمه لأنه غير مستطيع حسب شروط الاستطاعة الحالية، وبعضهم تحقق له جزء من الأمنية بأدائه للعمرة دون الحج لأنه بالكاد استطاع توفير مصاريف العمرة التي لا تزيد كثيرا على ألف ريال ولكنه يساوي لديهم عدة آلاف من الليرات !. وعندما يقول مكي إنه حج ثلاثين مرة في عمره ولم يزل يرغب في أداء المناسك مرات أخرى فإن عليه أن يتذكر أن إخوانا له في الإسلام تفطرت قلوبهم شوقا إلى البلد الحرام وظلوا يحلمون بالوصول إليه حتى تحقق لهم ذلك، وأن لهؤلاء واجبا على كل مجاور ليكون شاكرا حقا لنعمة الجوار !؟. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 162 مسافة ثم الرسالة