في الحقيقة لا يمكن لأحد صغيرا كان أم كبيرا مسؤولا أو مواطنا عاديا أن ينكر أهمية دور الصحافة في خدمة المجتمع خصوصا فيما يتعلق بقضاياهم واحتياجاتهم اليومية وسبل تفعيلها، ويبرز ذلك الدور أكثر ما يبرز من خلال تسليط الضوء على العيوب والمثالب التي تظهر من بعض الأجهزة والدوائر الحكومية بهدف تقويمها ومعالجتها من قبل الجهة المعنية. وانطلاقا من هذه المقدمة يجب أن نعترف أن الصحافة لم تؤد دورها المنوط بها كما ينبغي وأسارع بالقول قبل أن يفهم كلامي على أنه تجن على الصحافة بل أزعم أن الخلل أو التقصير لم يكن حليف الصحافة وحدها بل تشاطرها فيه بعض الأجهزة والدوائر، ولإيضاح صحة ذلك نسوق بعض الأمثلة لكلا الجانبين .. ففي الوقت الذي يكون فيه الصحافي مخلصا لمهنته ورصينا في توجهه (يغلب المصلحة العامة على أي اعتبارات أخرى ) يصادف أن يواجه تحفظا وربما ممانعة من هذه الدائرة أو ذلك الجهاز لجهة تزويده بمعلومة أو خبر بسيط لا يستحق كل هذا التهويل والتضخيم، وبالتوازي في الوقت الذي يظهر فيه جهاز ما قدرا من المرونة أو الأريحية في إعطاء المعلومة للصحافة لقناعة هذا الجهاز بأن تلك المعلومة قد تفيد الصالح العام وفي الوقت عينه لا تضر مصلحة العمل يتصادف أن الصحافي فضولي (يدس أنفه في كل صغيرة وكبيرة ). باختصار وصراحة أكثر إن هذا الصنف من الصحافيين لا تهمه جدوى المعلومة وتداعيات الخبر على المجتمع بقدر ما يكون همه الأكبر (تسعيرة) المادة أو القطعة إن جازت الكلمة أي الثمن الذي سيتقاضاه من الجريدة مقابلها .. أرجو ألا يفسر ما تقدم بالمطلق فليس كل دائرة أو جهاز متجاوب مع الصحافة يواجه في كل الأحوال صحافيين انتهازيين، في المقابل ليس كل صحافي جاد ورصين بالضرورة يواجه تصديا من كل الأجهزة والدوائر، لكن تبقى تلك الفرضية أو المفارقة إن صح التعبير موجودة ويواجهها كلا الطرفين وإن بأشكال ودرجات متفاوتة ويقينا إنها تترك وراءها أثرا سلبيا وهو ما يعني أنها قد تتسبب في وجود هوة تباعد بين الصحافة والأجهزة الحكومية، ومن دون أدنى شك أن تبعات هذه الفجوة أو الجفوة سمها ما شئت سوف تطال المجتمع.. من هنا تبرز أهمية الإجابة على هذا السؤال: ما السبيل لتقريب أو تجسير العلاقة بين الصحافة والأجهزة الحكومية ؟، الجواب: إن هذا الدور يجب أن يضطلع به موظفو العلاقات العامة بالأجهزة الحكومية أو الناطقون باسمها بوصفهم يشكلون القاسم المشترك بين الجانبين فهم من جهة مؤهلون إعلاميا أي أنهم يدركون قواعد المهنة ويتفهمون أدبياتها فضلا عن دهاليزها وخفاياها، الأمر الذي يجعلهم يستطيعون أن يفرقوا بين الصحافي وشبه الصحافي وبين مصداقية هذا من ذاك بكل سهولة ويسر، ومن جهة ثانية هم موظفون في الأجهزة الحكومية ولا تخفى عليهم مهام وأنظمة ولوائح الجهاز وعيوبه إن وجدت وعلى ضوء هذه الخلفية يصبح بمقدورهم أن يدركوا ما يمكن أن يصرح به من عدمه، وبطبيعة الحال المعيار الذي يحدد ذلك وفق ما تقتضيه المصلحة العامة (يفترض أن تكون كذلك ). وتأسيسا على ما ورد يتجلى دورهم لناحية المقاربة من خلال مهاراتهم في إقناع المسؤولين لديهم بإعطاء المعلومات المطلوبة لجهة الصحافة مع إيضاح موجبات ذلك استنادا على المعاييرالسالفة .. واقع الأمر ودونما مداراة أو حرج إن موظفي العلاقات العامة أو أغلبهم (كيلا نعمم) لا يتعدى دورهم الرد عبر الصحف على ما يوجه للجهاز من انتقادات صحافية وغالبا لا يخرج عن التفنيد والنفي لما ينشر بصرف النظر عما كانت تلك الانتقادات صحيحة وبناءة أو غير ذلك فالردود جاهزة (معلبة) مسبقا لهذا الغرض فهم والحالة تلك أشبه بالمحامين إن جاز التشبيه وليت الأمر يتوقف عند ذلك لهانت المسألة، لكنهم يبدون تحولا وتجاوبا ملحوظا مع الصحافة يصل مداه للنقيض فقط عندما يتعلق الأمر بتصريح أحد مسؤولي الجهاز أو تغطية صحافية لزيارة أو افتتاح.. ما أود قوله: إن موظفي العلاقات العامة أو الناطقين الرسميين يجب ألا ينسوا أنهم إعلاميون أو يفترض أن يكونوا كذلك وعليهم الالتزام بأصول المهنة وأبجدياتها وفي ذات الوقت هم موظفون يتعين عليهم تأدية واجبات العمل. خلاصة القول: يجب أن يقاربوا بين حقوق المهنة وواجب العمل وعماد ذلك وقوامه الموضوعية والحياد فلا مجال لتغليب أو نصرة هذه على حساب تلك فلا هذا معقول ولا ذاك مقبول إذن فالمراهنة على أحدهما تعني الإضرار بالمصلحة العامة بالمجمل. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 229 مسافة ثم الرسالة