د. سعد عطية الغامدي www.saadalghamdi.com إسطنبول في: 18/11/1431ه الموافق: 26/10/2010م كثيرة هي المدن التي تظفر بعابرين .. وزائرين .. لا يبقى في النفس منها إلا ما كان من ذكريات لم يكن للمدينة من حظ فيها إلا أنها الوعاء .. لكن إسطنبول أيقونة المدن جميعها .. الوحيدة التي تتربع على قارتين وتحظى بأسماء تفوق ما حظيت به مدينة أخرى.. كان لتعاقب البشر عليها .. بأديانهم ومعتقداتهم وعمارتهم وحضاراتهم عبق لا يزول .. فغدت مسرحا يحتضن الحياة بألوانها وأطيافها وأزمانها وأهم من ذلك أنها مدينة كلما تعود إليها تجدها تولد من جديد وكأنها كوكب بذاتها تتسع لتستوعب الحياة .. تنافس .. ولا تنافس إلا ذاتها .. وتتطور .. ولا ترى فيها إلا الحياة التي لا تخفت ولا تتعب .. تكاد ترى الظلال تحيط بك أنى اتجهت .. وتحف بك أنى انطلقت .. تصعد .. وتصعد .. وتصعد .. ولا تكاد تتعب أبدا وجدتها ظلال أساطير ومعرفة وإبداع .. وفوق ذلك كله وجدت .. إسطنبول .... لإسطنبول ظل ليس يضحى يعانق من يمين الشمس صبحا تأنق في النفوس فكان سرا يتيما، واستطال فكان فتحا ولم يركن إلى أفق احتباس ولم يعقد مع الأوهام صلحا يقيم من الضياء على ضياء ويغسل عن جبين القبح قبحا ترى في راحتيه سطور ماض طواها الدهر في الأعماق جرحا يكتمها عن الأبصار حتى يبث مكانها بالصفح صفحا وكانت قبل آلاما شدادا ورمحا يصطفي للموت رمحا فصارت بعد أحلاما عذابا تسوق البشر إذ تنساب فرحى وصاغت من سكون الكون لحنا نديا يوسع الأيام صدحا فلم يسأم بناصية الليالي سبيل بات بين الناس سمحا تطوف به المشاعل مشرعات ويرفع من ضمير الحق صرحا ومال إلى الجنوب سنا شمال يسوق حروفه في الكون فصحى تحلق تحت رايتها سماء وتهتف للغد الموعود: مرحى ويومض من جبين الغيم برق وقد مسح الوميض الغمض مسحا فأجفلت الوهاد كأن بحرا يحيل الرمل في الرمضاء ملحا ولولا الظل يقتحم الزوايا ويتخذ الفضاء الحر منحى لما ألفيت نور الشمس يغزو من الأعماق سحرا ليس يمحى وما شاهدت قبل الموت موتا ولا في قسوة اللوام نصحا ولا استسهلت سهلا في حياة ودون ذرا مناك طويت سفحا يلوح لك الصبا فتذوب وجدا ويسكنك الحنين وقد ألحا إلى حيث الصفوف تمر تترى تسح الموت بالحدين سحا وخلفك ألف ذكرى في خيالٍ تطاول، يلفح الوجدان لفحا وسبع شامخات في اخضرار وصبر يصطفي بالصبر نجحا ولكن ينتقي مما يعاني ربيعا صاغ بالخسران ربحا طليقا ليس يحبسه مدار ولا يطوي على الأوجاع كشحا يسافر في فضاءات عراض ويصلى من معين الشمس لفحا ولا يشكو من الدنيا اغترابا وقد بذل العناء المر كدحا وعانقه السراب فراح يجري سخيا يغمر الأسحار نفحا ويطفئ ما توقد من سعير على لهب النفوس، وكان شحا أراني ظل إسطنبول ظلا ظليلا بالمشاعر ليس يضحى