في إحدى الليالي الممطرة، رأى رجل كلبا مبللا يرتعد تحت المطر، فأنزل الرجل جاكيته وألبسه الكلب رحمة ورأفة به، وظل الناس يسخرون منه ويلمزونه ب(أبو جاكيت) حتى توفي يرحمه الله. بدأت حرارة الشمس تنخفض معلنة حلول فصل الشتاء، يقال إننا نمر الآن بالاعتدال الخريفي، فمن السهل كثيرا أن نصدق كذبة سمعناها ألف مرة من أن نصدق حقيقة لم نسمعها من قبل، فأين أشجارنا حتى نستمتع بتساقط أوراقها!! تم الإعلان بأننا سنواجه شتاء قارصا وممطرا هذا العام، فاسكنوا جميعكم في الدور الثاني، أو جهزوا أسطح منازلكم حتى لا تجرفكم السيول كالعام الماضي!! لم يتم الإعلان بعد عن التوقعات لعدد الوفيات لنستعد للفاجعة، فالشتاء قارص والصيف شديد الحرارة كما تنبأت كتب الجغرافيا في صغري، فالمناخ دائما شديد الحرارة صيفا شديد البرودة شتاء. في العام الماضي كنت أعمل في إحدى المدارس، لم أكن أغادر مكتبي إلا لضرورة نظرا لدفء مكتبي وبرودة الجو خارجه، كانت الطالبات يرتجفن من البرد، فتشغيل المدفأة في الفصل يحمل ما لا تحمد عقباه خشية الحرائق، وتشغيل المكيفات على الهواء الساخن يسبب أمراضا أولها التهاب الشعب الهوائية، فتزداد نسبة الغياب لأن النوم سلطان، فمن منا يستطيع أن يغادر سريره الدافئ للعمل في الجو البارد، وحين تتلبد الغيوم في السماء تخضر الأرض، ويحن شعبنا للعودة إلى الماضي، فيغيب البعض ويستأذن البعض الآخر للخروج إلى البر يستمتعون بالتنزه، فهذا الجو لا يتكرر إلا مرة كل عام؛ لذلك اقترح أن نجعلها إجازة شتوية بدل صيفية، وهذا للمصلحة العامة. لم أسمع يوما عن وفاة طالب بسبب الحر، ولم يستأذن موظف أو يتغيب عن العمل بسبب ذلك، ولم ولن يتملكنا سلطان النوم تحت حرارة الصيف. من حق الأوروبيين أن يأخذوا إجازة صيفية، فحنينهم للشمس يوازي حنيننا لغيابها، وشوقهم لرمال الصحراء لا يضاهي شوقنا لرؤية اللون الأخضر يكسو رمالنا.. لم يتغيب أخي أو يطالب بإجازة طوال العام، وسيتقدم بها مع هبوب أول رياح شمال تباغتنا ليستمتع بسبات شتوي!! ولكن ماذا يفعل طلابنا؟!.. فاجعلوها شتوية، أو أخروا ساعات الدوام حتى الصباح لتدفئهم أشعة الشمس. همسة ما أسهل أن تكون عاقلا بعد فوات الأوان.. فإذا أصبحت أوروبيا اخرج إلى الريف متى شئت، ولأنك سعودي اخرج إلى البر متى استطعت.