من جانب تحليلي استراتيجي، تحدث المشرف على كرسي الأمير نايف بن عبد العزيز لدراسات الأمن الفكري الدكتور خالد الدريس بقوله «تضمنت عودة جابر الفيفي دلالات خفية لا تخطئها عين المتأمل المتابع لتطورات قاعدة الشر واستراتيجياتها التخريبية، فبعد عودة محمد العوفي، أيقنت قياداتهم أنها ستؤثر على الآخرين من كوادرها عاجلا أم آجلا، فأرادت أن تغرز أسفينا بين فتية انساقوا خلف أباطيل التكفير وأوهام الجهاد، وبين حكومة بلادهم التي اتبعت سياسة القوة الناعمة ذات النفس الطويل في مكافحة هذا التنظيم وأفكاره»، مضيفا، «ما كان منهم إلا أن خططوا لمحاولة اغتيال الأمير محمد بن نايف، وكانت هذه المحاولة الفاشلة تهدف إلى غايتين، الأولى: اغتيال الأمير باعتباره القائد الميداني الذي أجهز على خلاياهم ومزق شبكاتهم وطبق سياسة الاحتواء الإنساني مع الموقوفين لإقناعهم بالعودة عن ضلالاتهم بالنصح والتوعية الفكرية، والثانية: زرع حالة من الشك العميق بين الحكومة والفارين من وجه العدالة إن هم فكروا بالعودة والتخلي عن التنظيم. وأشار الدريس إلى أن القاعدة ظنت بهذا التفكير أنها قد ضمنت عدم ثقة الحكومة بأي منهم بعد خداع عبد الله العسيري وغدره مع من مد يد العون والعطف له، فأصبح كل واحد يفكر في العودة إلى وطنه تقوم في ذهنه هواجس التردد، بل ربما حاصرته جيوش الحيرة والشك الأسود ألف مرة بعد تلك العملية القذرة التي شوهت الصورة الذهنية لأي تائب وعائد لأرض الأمن والأمان. ورأى الدريس أن حالة تردد الفيفي قبل تسليم نفسه دلالة على ذلك؛ ولهذا كان مفتاح العودة والخطوة الأولى التي فكر فيها هي التواصل مع بعض الشخصيات من رجال مركز المناصحة والرعاية. وشدد الدريس على أن الثقة التي تولدت لدى جابر الفيفي في وطنه وحكومة بلاده رأت النور مع رجال صدق وأمانة ووفاء تعرف عليهم في ذلك المركز، وهذا بكل المقاييس يعد نجاحا كبيرا لتلك المؤسسة المهمة، التي أصبحت محط أنظار العالم لتميزها الواضح، مؤكدا على أن «الثقة ليست كلاما إنشائيا أو قصرا من ورق، إنها شعور داخلي راسخ وعميق يضرب بجذوره في أقصى متاهات العقل الباطن»، مرجعا نجاح المركز إلى إخلاص العاملين عليه ودعم الأمير نايف بن عبد العزيز والأمير محمد بن نايف.