أكد صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية رئيس وفد المملكة في القمة العربية الاستثنائية على أهمية تدارس السبل الكفيلة بتطوير منظومة العمل العربي المشترك. وقال الفيصل في كلمة أمام القمة العربية الاستثنائية التي افتتحت في مدينة سرت الليبية أمس: إن مجرد السعي للنهوض بفكرة العمل العربي المشترك وطرق كل سبل ممكنة خدمة للمصالح العربية، بما في ذلك مقترحات الأمين العام في هذا الشأن، يدلل على إدراك وتحسس أمتنا العربية لأبعاد المخاطر والتحديات التي تواجه أمتنا العربية، وهذا أدى إلى أن يكون هذا الأمر بندا دائما في جدول أعمال لقاءاتنا العربية على مختلف مستوياتها. وفيما يتعلق برؤية الأمين العام بشأن سياسة الجوار العربي التي تعكس خلاصة لقراءة الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى للأوضاع العربية في منطقة الشرق الأوسط، اعتبر وزير الخارجية أن هذه الرؤية نابعة من شعور بتآكل الدور الإقليمي للنظام العربي في محيطه ومركزه مقارنة بتصاعد دور بعض الدول الأخرى، ناهيك عن استمرار التحدي الإسرائيلي، مضيفا أنه ووفقا للفرضيات التي استند إليها مقترح الأمين العام، فإن واقعنا العربي بات يفرض علينا تدشين حقبة جديدة في تاريخ علاقة النظام العربي بمحيطه الجغرافي، على اعتبار أن هذا الأمر يقصد من ورائه توفير أساليب وآليات مبتكرة تجعلهم أكثر قدرة على مواجهة التحديات الراهنة والمقبلة، واحتواء الأخطار المقبلة، وإحداث نقلة نوعية في النظام العربي تمنحه الفاعلية والحيوية بدلا من الركود والجمود. ورأى أنه من المصلحة العربية التركيز مرحليا على سبل النهوض والارتقاء بالعمل العربي ليكون بالفعل والممارسة عملا مشتركا وفاعلا ومؤثرا على الصعيدين العربي والدولي، متابعا: صحيح أن غياب الدور العربي الفاعل والمؤثر قد خلق فراغا استراتيجيا يتم استغلاله من قبل العديد من الدول المجاورة، غير أنني أرى أن إصلاح هذا النظام يستدعي منا بالدرجة الأولى تفعيل التعاون العربي من خلال تقوية مؤسسة جامعة الدول العربية، وهذا الأمر لا يحتاج منا إلى تعديلات جوهرية في الميثاق، بقدر ما يحتاج إلى الالتزام الجاد والعملي بما سبق الإجماع عليه من إصلاحات ومقررات، وضمان أعلى درجات المصداقية والجدية في تنفيذ القرارات، ويستدعي ذلك أيضا تمكين الأعضاء الراغبين من الالتزام بتطوير العمل العربي المشترك دون عرقلة وإعاقة من الأطراف غير الملتزمة، بحيث لا يبقى العمل العربي المشترك حبيسا لتوافقات الحد الأدنى. ومن هذا المنطلق فإننا ندعو إلى الرجوع إلى مضامين وثيقة العهد والوفاق التي اتفقنا عليها في قمة تونس ووضع ما تبنيناه من رؤى وأفكار موضع التطبيق العملي، مع إمكانية تطويرها أو تعديلها على النحو الذي يكفل زيادة فعالية نظامنا العربي، ويجعلها أكثر تأهيلا لبلورة سياسة جوار عربي تكتسب عندها العلاقات مع دول الجوار البعد الاستراتيجي المنشود. وكان القادة العرب تداولوا في أعمال قمتهم الاستثنائية في مدينة سرت الليبية أمس، آليات تطوير العمل العربي المشترك، والإصلاحات الخاصة بتطوير الجامعة العربية، ومناقشة كيفية إقامة أفضل العلاقات مع الدول المجاورة للعالم العربي، والبحث عن صيغة بديلة لدعم الموقف الفلسطيني في مفاوضاته المتعثرة مع الإسرائيليين. ودعا الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى إلى إحداث تغيير جوهري في منظومة العمل العربي، مؤكدا على أن الوقت قد حان بالفعل لذلك. وقال موسى إن العمل العربي المشترك بدأ يستعيد نشاطه ويلعب دوره على المستويات المختلفة على اتساع العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط وكذلك في كثير من المحافل الدولية. ولفت في الخصوص إلى أنه تم خلال السنوات العشر الماضية وحتى الآن عملية تطوير ضخمة ضخت دماء جديدة في الجسد الخامل الذي كان بالعمل العربي المشترك ليستعيد نشاطه، غير أن التطوير حتى الآن بات موضوعيا أكثر منه هيكليا.