يظل امتلاك مسكن خاص حلما لكل مواطنة ومواطن، في ظل تسارع إيقاع الحياة وضغوطاتها اليومية، وما يجعل المسألة تتحول برمتها إلى مجرد أحلام، هو الارتفاع الملحوظ لأسعار الأراضي وزيادة تكلفة الوحدات السكنية. ذهبت أحلام امتلاك مسكن العمر مع الشباب الذاهب للكثير من المواطنين الذين ظلوا يلاحقون ظل بيوت الوهم وسط الديون المترصدة لهم، وهنا يرى رئيس اللجنة العقارية في غرفة الرياض علي الزيد أنه لا يوجد أي مبرر في ارتفاع الأراضي السكنية، وأن هذه الارتفاعات تشكل ضغطا كبيرا على المشاريع التنموية، وخاصة المشاريع الإسكانية، كون الأرض جزءا مهما في تكاليف أي مشروع. ويطالب الزيد «لذلك نتمنى أن يكون هنالك عمل مشترك بين الجهات الحكومية المعنية والقطاع الخاص لتوفير أراض مخدومة وبأسعار مناسبة للاستثمارات الإسكانية على وجه الخصوص والمشاريع الأخرى بسعر مناسب. من جهته، أكد عضو مجلس إدارة الغرفة الإسلامية في جدة سعد الرصيص أن أهم أسباب ارتفاع الأراضي السكنية هو خروج المواطنين من سوق الأسهم وزيادة الطلب على الوحدات السكنية بجانب النمو السكاني المرتفع. وأشار الرصيص إلى أن المتوافر في السوق من الوحدات السكنية أقل من المطلوب فمدينة الرياض تحتاج إلى 30 ألف وحدة سكنية كل عام وعلى مدى 10 أعوام مقبلة. ونفى عضو الغرفة الإسلامية أن يكون للتجار يد في ارتفاع أسعار الأراضي السكنية «لا يمكن أن يضارب التجار بسبب سياسة العرض والطلب التي تجعل تجار العقار لا يتحكمون بالأراضي». وأكد الرصيص أن عدم وجود بنك إسكاني يتولى رسم سياسة الإقراض طويل المدى، إلى جانب عدم وجود هيئة عليا متخصصة بشؤون العقار ساهم في فداحة المشكلة، مبيناً أن المملكة تحتاج 200 ألف وحدة سكنية بسبب نسبة النمو التي وصلت إلى 3,7 في المائة سنويا. من جانب آخر، عد الخبير الاقتصادي فضل البوعينين أن قيم الأراضي السكنية مبالغ فيها بشكل كبير ويتم تقييمها بأضعاف قيمها العادلة، وقال «هناك مجالان رئيسان للاستثمار في المملكة وهما سوق الأسهم وسوق العقار، وأموال السوقين تمت مناقلتها بشكل مدروس، فالعام 2003 و2004 انتقلت إلى سوق الأسهم وكانت الأسعار متدنية ثم بدأت بالتضخم حتى عام 2006، ومن ثم خرجت أموال المستثمرين العقاريين من سوق الأسهم واتجهت إلى سوق العقار التي شهدت قفزة سعرية أوصلتها إلى ماهي عليه في الوقت الحالي وهي المرحلة التي يمكن أن تشكل فقاعة العقار، ومما لا شك فيه أن زيادة الإنفاق الحكومي وما نتج عنه زيادة في الطلب الإسكاني نتيجة استقدام العمالة أسفر في رفع أسعار العقار، وطالب البوعينين أن يكون هناك تنظيم من قبل البلديات بتحديد نوعية الاستفادة من العقار بما يمنع التداخل الذي يرتكز دائما على رفع الأسعار، وأن تصدر تشريعات بجباية الزكاة على الأراضي البيضاء، وأن يحدد هدف الشراء في صك الملكية من حيث الاستغلال التجاري أو السكني». من جانبه، أوضح رئيس لجنة المياه والمرافق والخدمات العامة في مجلس الشورى المهندس محمد القويحص أن قيم الأراضي المرتفعة ناتجة عن المضاربات وليس عن القيمة الاقتصادية للأرض، واعتبر أن هذا الاتجاه يؤثر على الكثير من مشاريع التنمية والإسكان. وأبان القويحص أن مجلس الشورى يدرس وضع رسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني.