سوق عكاظ تظاهرة ثقافية تاريخية فريدة، يقصده المهتمون بشؤون الأدب والثقافة ليستمتعوا بالقيمة المعرفية والثقافية التي يقدمها السوق تمثيلا لحقبة زمنية أصيلة، يقف على رأس لجانه رجل الثقافة والأدب الأمير خالد الفيصل مما يشكل دافعا قويا للعاملين في هذا المشروع الذي ينتظره مستقبل زاهر بإذن الله. كنت في سوق عكاظ يوم الخميس الموافق 21/10/1431ه والشوق يحدوني لأعيش تفاصيل تلك الحقبة التاريخية...ولكن كان الواقع غير المأمول.! لا أنكر جهود المنظمين وحرصهم على إظهار المهرجان في أبهى حلله؛ لكن هناك بعض الفعاليات والأنشطة تفقد سوق عكاظ عبق الماضي وتصرف الزائر عن معايشة تلك الحقبة التاريخية. استأذنكم في سرد بعض ما وجدت من ملاحظات علها تؤخذ بعين الاعتبار في المواسم المقبلة: بعض الأركان تعرض بضائع حديثة مما ليس له علاقة بسوق عكاظ، ففي قسم المأكولات الشعبية «ورق عنب، ومكرونة بالبشمل» ضحكت مع مرافقي وسألنا هل كان الطعام الذي يباع في سوق عكاظ ورق عنب، بل متى عرفت الجزيرة العربية بأكملها ورق العنب والمكرونة؟! وعندما وصلنا للخيام المعدة للعروض وجدنا دارة الملك عبد العزيز تعرض مجموعة من الصور من التاريخ الحديث، ثم خيمة التصوير الضوئي وغيرها مما ليس مكانه سوق عكاظ، وكان السؤال يتكرر مع كل مشهد ما علاقة هذا بسوق عكاظ؟ حتى وصلنا للخيمة الرئيسة التي تقام فيها الأمسيات والمسرحيات كانت كلها عروض معاصرة تمنينا لو أنهم أنشدوا واستعرضوا ما حفظه ديوان العرب من عيون الشعر ومعلقاته بدلا من تلك النصوص الحديثة التي لا تتوافق مع الحدث!. وبينما نحن في دهشتنا تلك محاولين أن نجمع الشتات الذهني، مر بنا مجموعة من الشباب يظهرون السخرية ويتحدثون باللغة العربية الفصحى ويتحاورون مع الباعة ويضحكون مع بعض، فكان المشهد ملفتا وجميلا جدا، وتمنينا لو أن أشخاص السوق بأكمله يمثلون الأدوار في صورة تقريبية لما كان يدور في سوق عكاظ من أحداث ومحاورات تجعل الزائر يعيش ويستمتع بذكرى أمجاد العرب وتراثهم الأصيل، هذا هو الأمل وليس شرط أن نستقدم من بلاد الشام من يمثل الدور، فشبابنا لديهم القدرة متى ما أتيحت لهم الفرصة وبإدارة محترفة تضع كل شخص في مكانه المناسب وفق قدراته. هذا مما استوقفني حول بعض ما قد يفقد سوق عكاظ عبق الماضي لشدة بريق الحاضر، مع أن المكان لا يحتمل مثل هذه الصوارف، فالمهرجانات الثقافية والتسويقية كثيرة في بلادنا يمكن أن يتم تسويق المنتجات والأنشطة فيها على مدى العام .. ويبقى الحلم أن نرى سوق عكاظ ينافس المهرجانات الثقافية عالميا بأصالته وتميزه. زاهر أحمد البريدي تعليم عسير