• أدرس في كلية التمريض، وعمري 21 عاما، غير متزوجة، منذ أن فقدت صديقتي التي كانت تقف إلى جانبي وتحل مشاكلي وترشدني في كثير من الأمور حتى إن اختلفنا، أصبحت أعيش في ضيق نفسي شديد، لا أضحك، وأشعر بعدم الرغبة في الحياة، ولا طعم للحياة عندي، حاولت أن أشغل نفسي، وأن أفرح ولكن دون جدوى، وحاولت أيضا أن أكون صداقات وأكون اجتماعية، لكنني لا أعرف كيف أحقق ذلك، وإذا حاولت التقرب من الناس أجد نفسي أتراجع فجأة، لذا فضلت أن أكون مع هذه الصديقة كل الوقت، وهي الآن ليست إلى جانبي، حاولت أن الجأ إلى أمي لكني اشعر أنها مشغولة عنا بمن فينا والدي، فماذا أفعل؟ سعاد جدة يبدو أن تلك الصديقة كانت ستارا بينك وبين الناس، فمعاناتك في تكوين الصداقات جعلتك تختبئين وراء هذه الصديقة، والمؤسف أنك سلمتها مقود شخصيتك وباتت حياتك رهينة لآرائها ومقترحاتها، واستمتعت بترك دفة سفينتك بيدها تقودك إلى حيث تريد وبالطريقة التي تريد، وحين انسحبت من حياتك عشت هذا الفراغ، والمشكلة على ما يبدو لا تكمن في صديقتك بقدر ما تكمن بك، فأنت عمليا حنيت ظهرك لها فوجدته مناسبا واعتلته، لأن القاعدة تقول: لا يمكن لأحد أن يعتلي ظهرك إلا إذا وجده منحنيا، وما حدث نستطيع أن نقرأه من زاويتين، الأولى التي قرأت أنت منها الواقعة، واعتبرتها مصيبة، وخسارة كبيرة لأن تلك الصديقة خرجت من حياتك وتركتك وحيدة حائرة وضعيفة، وقبل الحديث عن الزاوية الثانية أود تذكيرك بالطفل الذي يفطم عن ثدي أمه، هل تتوقف حياته، أم أنه ينتقل للاعتماد على نفسه وتكون هذه الاستقلالية بداية حياة جديدة أقوى وأفضل وأحسن؟ وهل حين يمشي أحدنا ويستغني عن حضن أمه أو عن ذراعيها اللتين كانتا تحملانه أفضل له أم أسوأ؟ وهل مشيه مستقلا عن أمه يمثل بداية للاستقلالية والاعتماد على النفس وبداية لحياة مفعمة بالحركة والحرية أم أن هذا الاستقلال يمثل كارثة له؟ لاشك أنك توافقين على أن الاستقلال عن الثدي وعن الذراعين هو بداية الحياة الحقيقية لكل منا، نصيحتي لك أن تتمثلي قول الله عز وجل: «وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا»، حاولي يا ابنتي أن تستشعري أهمية أن توظفي طاقاتك وتتحرري من قيود الآخرين، اقرأي كثيرا عن العلاقات الاجتماعية، وعن آليات صنعها، وإن احتجت لاستشارة متخصصين في زيادة الثقة بالنفس فافعلي، ولا تلتفتي إلى الوراء، فأنت أمام فرصة ثمينة جدا للاستقلالية التي كان يجب أن تتمتعي بها منذ زمن بعيد، أما عن أمك فواجهيها واطلبي منها أن تهتم بكم، وتبيني أسباب انشغالها عنكم فلربما سببه الفجوة التي بينها وبين والدك التي لا بد أن تغلق ولتكوني أنت سببا في تقاربهما.