في سن مبكرة من حياتي، بحثت عن معنى السعادة، وأصدرت كتابا بعنوان «لغز السعادة». كنت أتساءل: هل السعادة هي الغاية النهائية التي نسعى إليها في كل ما نعمل، وهل تلك الغاية تتحقق بالمال أم السلطة أم الصحة أم راحة البال.. أم ماذا؟ وإن كانت هي الغاية النهائية، فهل بتحقق هذه الغاية تتحقق كل غايتنا من الحياة؟ صدفة.. وقعت على كتاب يتحدث عن الفلسفة الإغريقية القديمة.. في بطنه وجدت عبارة لأرسطو يعرف فيها السعادة، قال إنها الغاية التي تطلب لذاتها. وهذا يعني أن كل طريق نسلكه في حياتنا إن هو إلا من أجل غاية واحدة هي السعادة، أيا كانت الوسائل ومهما تنوعت. فالمال وسيلة تقود إلى الثراء، وهذا يقود إلى النفوذ، والأخير يقود إلى المكانة الاجتماعية... وهكذا سلسلة لا تنتهي من الوسائل التي تنشد كلها غاية واحدة هي السعادة. من أجل ذلك، فالسعادة ليست مجرد وسيلة، ولا هي مرحلة تنتهي بعد حين، بل هي الغاية المكتفية بذاتها. لا أريد أن أفلسف الأمور، لكن ما أريد الوصول إليه هو أن السعادة التي تطلب لذاتها كغاية لا تتحقق للأسف كما نريد وكما نتمنى. أي أن السعادة في كثير من الأحيان تشبه السراب الذي نطارده فلا نصل إليه. وتلك نتيجة خلصت لها عندما كنت أرى أن سعادة الغني ليست أكثر من سعادة الفقير، وأن سعادة الكبير ليست أكثر من سعادة الصغير، فكنت أسأل: ما جدوى أن يعمل الإنسان ليصبح ثريا إذا؟ لقد أخطأ من قال إن السعادة هي الغاية القصوى والنهائية للإنسان. فنحن عندما نعمل من أجل المال، ويتحقق لنا الثراء والنفوذ، لا يعني ذلك أننا أسعد من الفقير والمعدم. وهذا يطرح السؤال ثانية: لماذا نعمل إذا إن كانت السعادة لا تتحقق في النهاية بالضرورة؟ وقد وجدت الجواب في حكمة صينية قديمة تقول إن السعادة التي ننشدها من وراء تحصيل المال تكمن في العمل ذاته لتحصيل المال لا في المال نفسه. السعادة هي أيضا في إسعاد الآخرين لا في إسعاد أنفسنا. أي أن السعادة باختصار هي في العمل لنا ولغيرنا. وهذه قمة الفضيلة. يبقى أن أشير إلى أن كتابي الذي أشرت إليه قد حقق نجاحا منقطع النظير. فبعد عام كامل من طباعة ألف نسخة لم يتبق لدي سوى 996 نسخة تبرعت بها كاملة لعامل هندي يبيع الورق المستعمل. [email protected] للتواصل إرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو زين 737701 تبدأ بالرمز 258 مسافة ثم الرسالة