شكل سوق عكاظ في العصر الجاهلي تظاهرة اجتماعية وحضارية وثقافية فريدة ألقت بظلالها على أوجه الحياة المتنوعة خاصة الأدبية؛ فهو ملتقى جميع القبائل العربية من شتى البلاد فكان شهر صفر المحرم موسما تجاريا لمختلف البضائع والصناعات السائدة، وكان للحياة الأدبية نصيب الأسد منه؛ فهو منتدى الأدباء والحكماء ومنبر الخطباء ألقيت فيه أبلغ الخطب وأجزلها، وكان ميدانا يتسابق فيه فرسان الشعر بحولياتهم التي ينقحونها حولا؛ لتزهو في هذا المحفل المهم في أبهى حلة وأسبك حبكة وأروع صورة جمالية؛ فلا غرابة إن سطرت معلقاتهم بماء الذهب وعلقت على أطهر المقدسات؛ احتفاء من قوم الفصاحة والجزالة صنعتهم فلا يقارعهم في تذوق الشعر وتثمينه مقارع، فكانت معجزة الرسول عليه الصلاة والسلام الأمي فيما برعوا فيه (القرآن الكريم) وحيث بعدت الشقة بين أبنائنا وذلك التاريخ العبق فلم تتح لكثير منهم فرصة التعرف على كنوز أدبنا العربي التي احتضنها ذلك السوق كشعراء المعلقات وقصائدهم والخطباء ، كان لمهرجان سوق عكاظ بالطائف الذي نحتفل بميلاده الرابع الفضل في تعريفهم بحقبة تاريخية مهمة من حياة العرب؛ فعاشوها واقعا حيا من خلال إعداد المكان وما ضمه من الأنشطة المتنوعة (ندوات، أمسيات شعرية، عروض مسرحية، ومعروضات). ومن شاهد ذلك الإقبال من الزوار على تفاوت أعمارهم تأكد من أنه إضافة تستحق العناء؛ فشكرا قليلة في حق القائمين على هذه الاحتفالية الثقافية والتاريخية المهمة. سارة إبراهيم الأحمدي جدة