تشكل سلامة المرضى واحدة من أهم أبعاد تطبيقات الجودة الشاملة في المنشآت الصحية، وتعرف الوكالة الأمريكية للجودة الصحية والبحوث سلامة المرضى بأنها حماية المرضى من الأخطاء المرتبطة بتقديم الرعاية الصحية مثل الأخطاء أثناء العمليات الجراحية، الأخطاء أثناء أعطاء الأدوية ونقل الدم بالإضافة إلى الحوادث الناتجة من التقصير في الرعاية الصحية مثل سقوط المرضى وتقرحات السرير وعدوى المستشفيات. إن الرجوع إلى تاريخ سلامة المرضى يخبرنا بأنها ليست وليدة الزمن الحالي ولكن عرفت من آلاف السنين حيث مارسها اليونانيون في القرن الرابع قبل الميلاد عندما أقسم الطبيب أبوقراط بأن يصف أفضل علاج دوائي وغذائي ويقدم كل إمكانياته لحماية مرضاه من أي أذى أو ضرر. وفي العصر الحديث كانت البداية عندما صعق الشارع الأمريكي في عام 1982 بسبب ما بثته قناة (ABC) في أحد برامجها، حيث ذكرت مقدمة البرنامج بأن هنالك 6 آلاف مريض في الولاياتالمتحدة يموتون سنويا أو يتعرضون لتلف في خلايا المخ بسبب الأخطاء المرتبطة بالتخدير. واليوم لسلامة المرضى أهمية كبيرة في معظم دول العالم وذلك بسبب استمرار حدوث الأخطاء الطبية في المنشآت الصحية، حيث أشارت الإحصائيات في عدد من دول العالم إلى وقوع عدد من الأخطاء الطبية. أيضا تعتبر سلامة المرضى مؤشرا مهما على التزام المنشآت الصحية بمعايير جودة الرعاية الصحية. ولسلامة المرضى إيجابيات من ضمنها تجنيب المرضى الشعور بالألم الناتج من الأخطاء الطبية وتوفير الموارد المالية والطاقات البشرية، حيث إن الأخطاء الطبية تزيد من مدة بقاء المريض في المستشفى؛ فمثلا عندما يكتسب المريض عدوى من المستشفى فإن مدة إقامته تزيد بما لا تقل عن ثلاثة أيام لتلقي العلاج اللازم من تلك العدوى وهذا بدوره يحتاج إلى تكاليف مالية أكثر بسبب الحاجة للأدوية والأجهزة الطبية بالإضافة إلى زيادة ساعات العمل للعاملين في المستشفى. وأخيرا يجب على المنشآت الصحية الالتزام بمعايير جودة الرعاية صحية لتقديم رعاية صحية متكاملة مبنية على أسس علمية خالية من أية أخطاء أو أذى قد يعتري المريض نظرا لما تسببه هذه الأخطاء من استنزاف للمال والوقت والجهد والأهم من ذلك هو الألم الذي يشعر به المريض الذي تعرض للأذى أثناء إقامته في المستشفى فهذا الألم لا يمكن قياس حجمه أو تعويضه مقارنة بالخسائر المادية التي تنتج عن الأخطاء الطبية. سلطان سعد المطيري مستشفى الملك فهد العام في جدة