صديقي .. هذا شخصي يعود من جديد ليكتب لك من تلك المنطقة الصغيرة والمحايدة والتي تتسع لكل الأطياف والأعراق والأديان والأحلام، لأن سكانها مؤقتون، ومشغولون بقضاياهم وأمورهم الشخصية، وليس لديهم رغبة عدوانية لإصلاح الآخر، أو هي قضاياهم الشخصية تسرق جل وقتهم، ولا تبقي لهم وقتا ليصلحوا الآخر. هذه المساحة الضيقة في حجمها والشاسعة في تنوعها داخل المطارات، تساعدك على رؤية المشهد بصورة أوضح وربما أعمق. في ذاك المكان كان بجانبي صحيفة عكاظ «الاثنين الماضي» متكئة على صفحتها الأولى، فيما صفحتها الأخيرة قالت لي: «خطف الجن فتاة عشرينية من منزل أسرتها في مركز الشديد شمالي الخرج للمرة الثالثة على التوالي خلال أقل من شهرين، حيث تعاني الفتاة من مس شيطاني تمكن منها»، قالت لي الصفحة الأخيرة أيضا: «أكد شقيق الفتاة أنهم أودعوها داخل غرفة مكيفة في فناء منزلهم، ولكن دون جدوى، فالجني هدد بخطفها إلى وجهة غير معروفة في حال لم يتوقف ذووها عن رقيها بالقرآن». هذا الاختطاف من كائن غير مرئي نبهني للاختطافات المرئية التي تحدث لنا جميعا، فأنا اختطفني التاجر من «حماية المستهلك» وأصبح يرفع الأسعار كلما عن على باله، هو نفس اختطاف حقوق معلمي ومعلمات بند 105، ويتطابق مع اختطاف الشركات لمواطنين من وزارة العمل لتعيينهم برواتب هزيلة دون أن يتم حمايتهم. مرت كل حالات الاختطاف المرئية في رأسي، وكان لكل مواطن اختطافه المرئي والخاص به، قلت لنفسي: حتى الجن لم ترأف بحال المواطن. أعرف أنك تتفق مع العلماء الذين يؤمنون بوجود الجن كما أكده الله في محكم آياته لكنهم لا يؤمنون بالتلبس كالشيخ على الطنطاوي رحمة الله عليه، ولكن أليس غريبا أن تقبلوا كل هذه الاختطافات المرئية، وتغصوا باختطاف الجني؟ ثم هذه الاختطافات المرئية ألا تساعد على تقبل فكرة الاختطاف غير المرئي، كأن يقول المواطن: وقفت على الجني يعني؟ يا صديقي.. حين نتحدث عن الجن أكثر من اللازم، ونجعله يتدخل في حياتنا أكثر من اللازم، ونحمله كل خطايانا، من الطبيعي أن نقبل فكرة أن يسكننا ويخطفنا، من الطبيعي أيضا أن تصبح هذه القصة حقيقة لا يمكن نفيها، بل من ينفيها يصبح غير عاقل لأن كل عقلاء هذا المجتمع يؤمنون بهذا الاختطاف. التوقيع: صديقك [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة