المحتسبون الرسميون (رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) وغير الرسميين (المنتشرون في الأرض) كانوا ضيوفا على صفحات «عكاظ» يوم أمس في موضوعين كل منهما أحدث مشكلة أكبر من الخطأ نفسه، وهم بهذا يطبقون المثل الشهير (جا يكحلها.. عماها). وكما يجب توفر النية السليمة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا بد من توفر الوسيلة الصحيحة لتنفيذ تلك النية، أما أن تكون الوسيلة المتبعة مؤدية لضرر أكبر يصبح بقاء الحال على ما هو عليه أفضل وأسلم. وإخواننا الذين يحتسبون (سواء أكانوا رسميين أو غير رسميين) عليهم مراعاة ظرف الحال وأن لا يتعجلوا في قراراتهم، وهذه الوصايا تعبنا من ترديدها ولم يتعب المحتسبون من اتباع ما يرون. ففي قضية المواطن الذي اقتحم بعض رجال الهيئة منزله (في المدينة) من غير إذن رسمي، وأضافوا لذلك الخطأ امتهان إنسانية المواطن بضربه وإهانته وسجنه، وهم بذاك التصرف كأنهم امتلكوا كل أنواع السلطات (القضائية والتشريعية والتنفيذية)، وهذا لا يحدث في أي مكان أو زمان أن تكون جهة واحدة المطلق يدها فيما تريد فعله، وإذا كان هذا الإطلاق لا يجوز للدول، فكيف لجهاز يمنح نفسه كل السلطات، حتى إذا اكتشف أمره امتنع المتحدث الرسمي عن إيضاح الملابسات ليصبح الحديث عن أخطاء هؤلاء الأفراد هو محاربة لله ورسوله.. كيف هذا؟. فالمتعاطفون مع جهاز الهيئة يغيبون تماما أن من يعمل في هذا الجهاز هم موظفون عليهم تنفيذ نظام وظيفي لا يسمح لهم هذا النظام بتجاوز مهماتهم، الا أن بعض أفراد الهيئة يتجاوز كل شيء بحجة أنه محتسب ولا يختار لتغيير المنكر إلا يده ويهمل اللسان والقلب لأن هاتين الوسيلتين سوف تؤخران احتسابه.. يا ناس ليس من حقكم استخدام اليد، فتغيير المنكر باليد من حق الحاكم وليس المحتسب.. نعود ونقول إن كل حادثة تطفو على السطح نجد فيها أن بعض رجال الهيئة لم يستفيدوا من كل الأحداث التي مرت، ولم يستفيدوا من التدريبات التي دخلوها، ولم يستطيعوا تفهم معاني الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من خلال النصوص الدينية والوقائع التاريخية، الشيء الوحيد المترسخ لدى البعض أن النهي سابق على الأمر بالمعروف، ولأن النهي بحاجة إلى سلطة اليد، فهم يختصرون الوقت والجهد لتكون النتيجة إهانة إنسان في مكان ما.. أما المحتسبون غير الرسميين فهم يدخلون المضمار بالنية فقط من غير دراية معرفية أو اجتماعية، وما حدث من بعض المحتسبين مع مرضى الأورام السرطانية نوع من حب إشاعة الرعب ودفع المرضى إلى الانتكاسة العلاجية، وإلا فإن كل إنسان يعلم أنه في رحلة لن تطول وسوف تنتهي بالمرض أو بأي سبب آخر، فالمريض لا يموت لأنه مريض، بل لأن أجله انتهى... فكيف لهؤلاء المحتسبين أن يداهموا المرضى ويجزموا بأن الموت يقف على رؤوسهم وأن هذا موجب للتوبة.. كيف؟ فالتوبة مطلب لأي إنسان، سواء أكان مريضا أو سليما، فالمعاصي التي نحملها بحاجة إلى الاستغفار في كل حين، وليس فقط عندما نمرض. واعتقد أن من يرشح نفسه للاحتساب عليه أن يقرأ كثيرا، وأن يتخلص من عيوبه الكثيرة، قبل أن يأمر أحدا أو ينهى آخر.. ومن غير هذا، فالمحتسب يقع في الخطأ أكثر من الصواب. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 159 مسافة ثم الرسالة