تبدو العلاقة بين أهل الاحتساب الرسمي في الميدان (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، والمحتسبين الآخرين (المجتهدين) على ود وتآلف، في حين لا تخلو العلاقة بين أفراد الهيئة «المكتبيين» و«الميدانيين» من توتر ومشادة جراء الوشاية بهم أو الوصاية عليهم.عهد الاحتساب داخل أروقة الهيئة كان ربيعاً في ما مضى كما يصفه بعض المشاركين، لكنه الآن يشهد انكماشاً وربما تضييقاً ومراقبة من العاملين في الهيئة، ففي الوقت الماضي كانت المشاركة في دهم الاستراحات أو البيوت المشتبه بها لا تحتاج إلى كثير من العناء، لكن الوقت الحالي أصبح الاحتراز حاضراً لدى العاملين في الميدان. عدد مراكز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مدينة مترامية الأطراف كالرياض لا يغطي حاجة المدينة، لذا يضطر الممانعون لدخول أهل الاحتساب في بعض العمليات التي تقوم بها الهيئة إلى قبول الأمر على مضض، إذ الخرق أوسع من الراقع كما يقول ذلك أحد المحتسبين ل«الحياة». ثمة شللية داخل الجناح الميداني في «الهيئة» كما يروي أحد المحتسبين (فضل عدم ذكر اسمه) إذ يقول: «يتفنن البعض في التزلف والوشاية بزملائه المتساهلين في دخول أناس خارج الهيئة، ما يجعل التوتر والمجاذبة الكلامية وربما عدم الانقياد للأوامر سلوكاً للبعض كرد فعل لما يقوم به بعض الواشين». يلمع نجم المحتسبين «المجتهدين» في قضايا «المخدرات» وترويج «الخمور»، وتبدو بسالة رجال الهيئة حاضرة في تلك الميادين، حتى إن الشارع العام لا يمل من الإشادة بجهودهم، حتى ادعى بعضهم أنهم سحبوا البساط من مكافحة المخدرات. في المناسبات الموسمية أيضاً ك«اليوم الوطني» يعلو مد الاحتساب غير الرسمي، نظراً لكثرة التجاوزات من الشباب (ذكور وإناث)، فيرتدي المحتسبون مشالح مشابهة لما يرتديه رجال الهيئة، غير أنهم لا يدَّعون أنهم عاملون مع الهيئة، فما إن يرى أحد المتجاوزين هيئتهم حتى يهرب، وربما يتظاهر بالبراءة حتى لا يخضع لنصحهم. إشكالية نقص كوادر الهيئة خصوصاً المؤهلة منهم لا تبدو مجهولة لدى المسؤولين في الهيئة، لكن آخرين يرون أن هناك جهوداً تبذل في ما لا طائل وراءه، ك«التذكير بالمناداة للصلاة»، باعتبار أن «صوت المؤذن» يقوم بالمهمة، متوقعين أن جهودهم لو صرفت في متابعة المبتزين أو الخاطفين أو المتحرشين لكان خيراً من هذا الأمر. شعيرة «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» في نظر البعض تقتصر على العاملين الرسميين، لكن المحتسبين في ما يبدو لا يأبهون بذلك، إذ يكمن الفرق بينهم وبين رجال الهيئة في الإنكار باليد، أما الإنكار القولي في نظرهم فهو متاح للكل، لذا لم تستطع «الحملات» الإعلامية محوهم عن الوجود، يقول الكاتب محمد العبداللطيف في مقال له متصل بهذا الشأن: «إن ترك كل من هبّ ودبّ يحشد الحشود، ويسير بهم إلى حيث أراد بحجة النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيه افتئات على سلطات الدولة، ويفترض أن أولَ من يقف لهم، وينكر عليهم، ويُحجم تصرفاتهم، الجهة صاحبة الاختصاص، وهي هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قبل الآخرين».