من إحدى الاستراحات المكتظة أيام العيد اتصل علي صديقي أبو عساف ليسألني عن لغز «معجز» قاله خطيب الأسرة في الاستراحة. طبعا فشلت في حل ذاك اللغز المسيس، لأني لا أحب تبادل الألغاز الشعبية الغريبة جدا، ذات الهدف الوعظي، لكن فضولي جعلني أطلب منه إعطائي حل اللغز إن استطاع حله أحد من الناس، وفي دقائق قال لي إن الحل هو (المقبرة) فعرفت أن الحفل بمجمله يدار قبوريا وحزنا، وغما، رغم أننا يوم العيد وأن الذي ينظمونه لا يسعدهم أن يروا الفرح بدون ذكر الموت وعذاب القبر وهي حق؛ لكن لكل مقام مقال والفرح بما آتانا الله حق للناس لا خلاف عليه. في يوم الثلاثاء الماضي لم تقصر صحيفة «عكاظ» في نشر خبر عن توزيع منشورات عن القبور والموت وعذاب الآخرة لاحظوا ليس نعيم الآخرة للمتقين بل عذاب الله الذي يزعمون، وأعوذ بالله أن أكون من الظالمين أنه سيحرمنا نعيمه ويلقينا في عقابه الأليم بحسب هؤلاء، وإليكم شيئا مما جاء في الخبر. «اتجهت الأعمال الوعظية بقوة إلى مهرجانات الاحتفالات الشعبية بعيد الفطر، وتركزت في منشورات أغلبها ما يستحضر «عذاب القبر»، و«قصة الجنازة». وظهر هذا النوع من الأعمال في عدد من المناطق والمحافظات التي من بينها محافظة الكامل التابعة إداريا لمنطقة مكةالمكرمة، حيث وزعت لجنة التنمية الاجتماعية في المحافظة منشورات تركز على أهوال يوم الحساب، وما ينتظر المذنبين من عذاب في الآخرة. «انتهى خبر عكاظ» لعله لم يفتكم مسمى (لجنة التنمية الاجتماعية) وهي جهة رسمية، لا أدري ماهية هذه اللجنة الوعظية، وهل هي مخولة أم من تلك اللجان التي تعمل لحسابها؟ ولكن من سياق الخبر يبدو أنها تحت مظلة مدير الشؤون الاجتماعية في منطقة مكةالمكرمة الأستاذ عبدالله آل طاوي الذي جاء اسمه في الخبر، وسئل عما حدث وألمح على أنه يخرج عن التعليمات (أي ما حدث)، وأنه سيطلب تقريرا عما حدث. الحالة ظهرت بدون ضبط في أكثر من مكان، وكلها تركز على مبدأ مجموعة القبوريين، ومواعظ الترهيب بالموت فمن المسؤول عما جرى من لجان التوعية الاجتماعية، ومن أسند لهم هذه المهمة لا أدري. عندما نذهب مع أطفالنا للجامع فالمتوقع أن نسمع الترغيب والترهيب، وعندما نذهب إلى المقابر فلا بأس أن يذكرنا أحد بمنتهانا المحتوم، ولكن عندما نذهب لمكان العيد ففرحة العيد مقرة بالدين وتعكيرها خروج على الدين، فلو جاء إنسان بغير وعظ وكدر نظام فرح العيد لعوقب، ومن يأتي للتخويف وترويع الصغار في وقت فرحهم فهو جدير بالسؤال لما فعل هذا وكيف نظمه بأكثر من مكان وما غرضه من هذا الفعل، خصوصا أنه يبدو بشكل عمل منظم في كل مكان، ولا يقتصر على مكان واحد في هذا العيد. [email protected]