لازال فينا من يؤمن بأهمية الدور الذي تقوم به الحوارات أو الملتقيات الثقافية في تعزيز الجانب المعرفي وتقريب وجهات النظر وتذويب الجمود بين قطبي المجتمع، والذي يمثل أحدها العقل الجمعي كمنظومة لها خصوصية أكسبتها هالة من القداسة مع تخوف الآخرين من مجرد الاقتراب لتحقق من بعض الأفكار التي يتطلب حضورها بتلك الكثافة والتعقيد شيئا من التبسيط، وذلك المستنير بالمناقض من قناعات الأطراف الأخرى ويمثل المثقف بوعيه وإدراكه بضرورة التحاور بموضوعية لاتخدش المعتقد ولا تتبنى تطور الأفكار بالسياق ذاته الذي قد يلائم مجتمعا ويضر بآخر. الوسطية كما يتضح هي شعار من يعنى بذلك الحراك وهو الأجدى نفعا، فالتعنت في الرأي يجهض خطواتنا لنشر الوعي واستقطاب جميع الشرائح بود وقناعة بعيدا عن الحضور لمجرد إثارة البلبلة أو تصيد الأخطاء لنبدأ بعدها في شن هجوم تتقاذف فيه التهم، لنخرج متنافرين أزمنة بعيدة بدل تضييق الخناق على نقاط الاختلاف واستشعار المسؤولية نحو إيجاد مجتمع مثقف يعي ما حوله. بين فينة وأخرى نسمع عن إقامة ملتقى هنا وصالون أدبي هناك غير الاثنينيات وسواه والتي دأب بعض المثقفين على إحيائها ليلتقي فيها جمع رائع من رواد الفكر، لكن النخبوية تتحكم في نوعية الحضور وكذلك مستوى الطرح الذي يتناغم وفكر النقاد والأدباء المخضرمين. ومع إدراكنا بجدوى تلك المناشط لكن تبقى الملتقيات الثقافية الأقرب لتجمع الشتاتين باعتبار أن منظميها يركزون في طرحهم على قضايا أكثر عمومية وملامسة للواقع، ويستطيع الفرد البسيط فهمها واستيعابها، كما كان الحال في الملتقى الثقافي الذي نظم في منطقة نجران مؤخرا وشمل النقاش فيه أكثر من قضية «فكرية، اجتماعية، رياضية»، وشهد حضورا مكثفا عكس تعطش المتلقي لمثل تلك الأنشطة. وعلى الرغم من أن الجهود ذاتية لمجموعة من المتطوعين إلا أن الفكرة رائدة وقوبلت بالترحيب من الغالبية وأعطت دلالة على أن الحس الثقافي ينمو للأفضل في حال وجد المناخ الملائم والدعم اللازم، ولعله في المستقبل يكون لمؤسسات القطاع الخاص دور في ذلك، وتحديدا في الأنحاء التي تفتقر لمثل هذا الحراك، فتطوع فرد أو حتى عشرة لا يكفي بل شكرهم والإسهام معهم هو المفترض من الجميع. البعض يحمل المؤسسات الثقافية وحدها مسؤولية الاهتمام بالجانب التثقيفي للمجتمع متناسيا دور الأفراد في إذكاء ذلك الجانب من خلال لملمة الجهد سواء داخل المنطقة الواحدة أو ما جاورها من المناطق الأخرى، بحيث يتم تبادل للخبرات والزيارات والتعاون لإقامة ملتقيات مشتركة، ويمكن لهذه الملتقيات مستقبلا أن تتحد مع المؤسسات الثقافية ويتطور دورها أكثر، خصوصا وهي تتميز بحرية التحرك ولا تقتصر إقامتها على زمان ومكان بعينه بل تحدد إقامة الفعالية تبعا لكثافة الجمهور ونوعية القضايا التي تشغل اهتمامه. للتواصل ارسل رسالة نصية sms الى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 270 مسافة ثم الرسالة