بتاريخ 24/4/1431ه صدر قرار مجلس الوزراء قاضيا بإحالة قضايا الشيكات بدون رصيد إلى هيئة التحقيق والادعاء العام لتتولى التحقيق فيها واعتبارها من القضايا الكبرى الموجبة للتوقيف «الحبس الاحتياطي». والواقع أن الصواب هو أن يقال «جرائم الشيكات» وليس «الشيكات بدون رصيد» ذلك أن عدم وجود رصيد أو عدم كفايته ما هما إلا سببان ضمن ما يقارب أربعين سببا لارتجاع الشيكات وما سحب شيك دون رصيد إلا مظهر جرمي واحد من جرائم الشيكات المرتجعة والبالغة نحو اثني عشرة مظهرا جرميا. واعتبارا من يوم الخميس المقبل الموافق 24/8/1431ه ينعقد الاختصاص بالتحقيق في الجرائم المرتبطة بالشيك إلى هيئة التحقيق والادعاء العام (دوائر التحقيق في قضايا المال) بناء على شكاوى يتقدم بها المدعون بالحق الخاص الذين يتعين عليهم أولا اللجوء إلى أقسام الشرطة مصطحبين أوراق الاعتراض التي تصدرها البنوك المسحوب عليها وذلك لتحرير بلاغ عن الواقعة ومن ثم تتولى الشرطة إحالتها إلى الهيئة التي تشرع في التحقيق فيها مع إصدار مذكرة توقيف لمحرر أو مظهر أو مقدم الشيك تمهيدا لإحالتهم فورا إلى السجن الموحد بوصفها من الجرائم الكبرى الموجبة للتوقيف، هذا ما لم يتم الصلح بين الطرفين أو تنازل صاحب الحق الخاص عن دعواه وهذا غالبا لن يتم ما لم يقم الجاني بسداد قيمة الشيك للمستفيد منه فورا. وقد رأيت أن أطرح عددا من التساؤلات القانونية التي جالت في خاطري وربما كان لدي الإجابة عليها أو على معظمها ولكنني رغبت أن تشاطروني إياها بوصفكم أصحاب القرار فيها فالرأي لمن ملكه وليس من عقله وسوف أحصر الجزء الرئيس من هذه التساؤلات فيما يلي من أسئلة أو احتمالات اكتفي بطرحها فحسب تاركا الإجابة عليها لمن بيده ذلك: أولا: هل سيقتصر اختصاص الهيئة بالتحقيق على الشيكات التي سيتم تحريرها اعتبارا من 24/8/1431ه موعد سريان قرار مجلس الوزراء، أم أنه سيرتد؛ ليشمل تلك الشيكات التي تم تحريرها اعتبارا من 25/4/1431ه اليوم التالي لصدور قرار المجلس؟ أم تراه سيمتد ليشمل كافة تلك الشيكات التي حررت في السابق ولا تزال القضايا الخاصة بها منظورة؟ ثانيا: إن العبرة في تحديد تاريخ الواقعة «الجريمة» هل سيكون هو ذلك المدون على الشيك، أم ذلك المدون على ورقة الاعتراض المصرفية، أم هو تاريخ تقدم «المجني عليه» إلى الشرطة؟ ثالثا: في حالة التقرير بتوقيف المتهم (الجاني) أي حبسه احتياطيا فإلى أي أمد سيطول هذا التوقيف على أساس أن البت في الحق الخاص سوف يظل للجهة صاحبة الولاية في نظر قضايا الشيكات (مكاتب الفصل في منازعات الأوراق التجارية) لاسيما إذا ما علمنا أن مواعيد الجلسات أمام هذه المكاتب متباعدة وقد تمتد إلى بضعة أشهر بين الجلسة وتلك التي تليها!! فهل سيظل الجاني «سجينا» إلى حين البت في دعوى المدعي وصدور الحكم فيها؟ رابعا: ما الحكم لو أن المستشار في مكتب الفصل (وهو الذي يفصل في الدعوى) لو أنه حكم في الدعوى بعدم جواز النظر فيها لوجود عيب شكلي في الشيك أو تخلف أحد بياناته الأساسية أو ثبت تزويره أو تزوير ورقة الاعتراض أو انعدام سببه أو عدم مشروعية محله أو انقضاء أجله أو أي سبب آخر!! ماذا سيكون مصير ذلك القابع خلف القضبان طوال الأشهر الماضية؟؟!! خامسا: ما الحكم لو رأى المستشار الاكتفاء في الحق الخاص بالحكم بسداد المبلغ وفي الحق العام الاكتفاء بالحكم على المدعى عليه بدفع غرامة مالية دون الحكم بسجنه؟ مثلما أن التحقيق «هو إجراء من الإجراءات الممهدة لتحقيق العدالة»، فإن هذه الأخيرة لن تتحقق ما لم يكن منسوبو دوائر المال قد أحاطوا بالشيك علما من حيث تعريفه، وأطرافه، وأركانه، وبياناته الأساسية، وما قد يرد عليه من عيوب أو معوقات في الصرف، والجرائم المرتبطة به، والأحكام القانونية المتعلقة بتداوله ... هل تم إعدادهم لمثل هذا؟ لا سيما وأنه من المتوقع ان يبلغ عدد المحالين إلى هذه الدوائر بسبب جرائم الشيكات أرقاما تجاوز أعداد أولئك الذين يحالون إليها لأسباب ترتبط بجرائم المال الأخرى!! د. عمر الخولي أستاذ القانون في جامعة الملك عبد العزيز