ولدت وعمره يقارب الأربعين، وصفعني على وجهي لأني دخلت متأخرا وصليت ركعة من صلاة الفجر وارتبكت ولم أعرف كيف أسجد سجود السهو، كان حينها إماما للمصلين وكنت مأموما لم يتجاوز عمره ستة عشر عاما. ذلك هو والدي سعود بن محمد بن عبدالعزيز بن سعود بن فيصل بن تركي، وقد اجتهدت وسألت العارفين فقالوا إن والدته منيرة بنت عبدالرحمن بن فيصل بن تركي، ذكرت أنه ولد في الرياض بعد خمسة عشر عاما من «سنة الرحمة» وأهل نجد القديمة يؤرخون السنين بالأحداث، وهذه السنة وافقت عام 1337 هجرية، والمعنى أن أبي ولد تقريبا في سنة (1352 هجرية 1932 ميلادية). «أبو خالد» لم يكن أبدا رجلا عاديا، لا في المظهر ولا في السلوك، حفظ القرآن الكريم كاملا في سن مبكرة، وحفظ أيضا شعر إيليا أبي ماضي وأحبه، وكثيرا ما استشهد بشعر المتنبي وأبي فراس الحمداني وأحمد شوقي في حواراته، ولديه مكتبة شخصية يقرأ منها، تضم كتب الدين والتاريخ والأدب وغيرها، ومن الشخصيات الإسلامية التي أعجبته عبدالرحمن الداخل أو «صقر قريش» وخالد بن الوليد وعمر بن عبدالعزيز وزياد ابن ابيه. وسعود بن محمد خبير في الأنساب وفصيح اللسان ويحب المقناص، وقد يطول مقناصه ويستمر لأشهر في السنة، وتعرف أنه مشروح الخاطر إذا «هيجن» في جلسته الخاصة أو عند عائلته، ويميل إلى حياة البادية وطقوسها، ويمشي لساعة بعد العشاء ولايأكل إلا وجبتين، وهو صاحب توقيع مميز وكبير يشبه القارب الشراعي ولا يمكن تقليده، وله صولات وجولات في شعر الغزل ويفضله على غيره، ولم يمدح أو يذم في شعره، باستثناء قصيدة يتيمة كتبها في ابن خاله وصديق حياته الملك فهد، يرحمه الله، أيام مرضه، وهو يتكلم مع أبنائه الكبار باحترام وتقدير وكأنهم ضيوف عليه، ورضاه مضمون مالم يقع ابنه أو ابنته في محذور أو مخالفة دينية، أو يفوتون صلاة مفروضة، وهو كريم النفس واليد والجاه، ويستقبل من يأتي مؤملا في عونه ولا يقلل من شأنه ولو كان طفلا، وينفق ولو أثقل عليه الإنفاق، ويخجل أن يقول «لا» لأي أحد، وبابه مفتوح دائما و «سفرته» أو مائدته لا تتوقف ولو غاب ينوب عنه أبناؤه أو أصحابه ويجلسون مع الناس. يبدأ الوالد يومه في الساعة العاشرة صباحا، يتناول إفطاره مع العائلة، ثم يذهب إلى مجلسه المفتوح الذي يستقبل فيه الزوار، ويصلي مع من يحضر أو في مسجده، صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ويدخل إلى عائلته في الساعة التاسعة مساء، وينام في الثانية صباحا ولساعة واحدة ليقوم في الثالثة ويبدأ صلاة «آخر الليل»، وتكون في الغالب خمس تسليمات بدون الوتر، وبعدها يسبح حتى يؤذن المؤذن لصلاة الفجر، ويصلي الفجر جماعة ويسبح ثانية في نفس مكان الصلاة، ولا يتوقف إلا لصلاة «الضحى» عند طلوع الشمس، ويعود لينام إلى العاشرة صباحا وهكذا كل يوم. تعامله مع والده ووالدته نادر، فهو لا يمشي أمامهما ولايعطيهما ظهره إذا انصرف، وعندما يكون والده في بيته ينام على الأرض بجوار سريره، ويمسك بحذائه عند ذهابه للوضوء إلى أن يخرج ويلبسه إياه، ولا يجلس على كرسي في حضرة والده وإنما على الأرض بجواره، وكان يخدم والده في حجه كل سنة حتى توفي، وكذلك فعل مع والدته، وعندما كانت في المستشفى في سنواتها الأخيرة، استمر في النوم بجوارها على كرسي، وكان يقرأ عليها القرآن ويذكرها بالشهادة، وتوفيت، يرحمها الله، بين يديه وهو يلقنها الشهادة، وقد تألم جدا لفقدها، وقيل لي إنه في أيام العزاء دخل غرفتها وخرج منها وهو يردد «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» ، «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم». العلاقة بينه وبين والدته ليس لها شبيه في ذاكرتي، فقد كان يذهب للسلام عليها أو يتصل بها إذا لم تكن في نفس البلد، قبل أن يبدأ يومه وقبل أن ينام، وإذا كانت نائمة يقبل رأسها ويغادر، وفي حياة والدته قضى كل الأعياد معها، ولم يجلس للناس في البلد الذي تكون فيه إلا في بيتها، وكان السائق بوالدته في أسفارها، ورافقها في سفرها إلى برشلونة الأسبانية للعلاج عند طبيب العيون الألماني «براكاير»، مع أنه لا يحب السفر إلى الخارج ويكره ركوب الطائرات، وقدم لها الدواء في أوقاته بيديه، وفي مرة قالت والدته لمن عندها إذا جاء سعود قول له: «أمك كبرت الله يحسن خاتمتها» فلما أخبروه قال لهم : «من قال إنها كبرت، عمرها في عيني خمس عشرة سنة، الله يسلم عمرها» فردت والدته يرحمها الله: «لا والله أنا جدة آل سعود كلهم»، وكلمة والدته لها تقدير خاص وطلباتها تنفذ دون مناقشة، وآل سعود بن محمد «الأصول» حسب أعمارهم هم: (1) خالد (2) البندري (3) مضاوي (4) فيصل (5) تركي (6) بندر (7) عبدالعزيز (8) جواهر (9) مشاعل (10) فهد (11) أسماء (12) سارة (13) فهدة (14) سلطان (15) سعد (16) عبدالرحمن (17) عبدالله (18) بهاء (19) بدر (20) الجوهرة (21) نايف (22) حصة (23) نوف (24) العنود (25) عتاب (26) ديم (27) نواف (28) متعب (29) محمد (30 ) أحمد (31) منيرة (32) لجين (33) شروق يرحمها الله (34) المنتصربالله (35) رسيس (36) سلمان (37) عبدالاله (38) مشعل (39) الهنوف (40) عبدالمجيد (41) المنصور. حفظ الله والدي وأطال في عمره وأعاننا على أن نكون خداما بين يديه. binsaudb@ yahoo.com للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 107 مسافة ثم الرسالة