من حسن حظ الناس عندنا، أنه لا يزال بينهم من يحاول حتى اللحظة أن يمسك بما يمكن إمساكه من سعادة العيد وإلا كان قد تحول منذ زمن بعيد إلى حفلات بكاء وصياح وعويل. من حسن حظهم أن بينهم مواطنين في كل أطراف البلاد يخرجون من جيوبهم ليفرح غيرهم وتبتهج قراهم ومحافظاتهم ومدنهم بالعيد الذي كان سعيدا، وكاد يختطف ذات زمن، ثم عاد إلى بهجته التي كان عليها. فقبل سنوات قليلة، كانت تتحرك فئات مع مطلع يوم العيد لمناصحة من يحاول أن يرتكب «الفرحة» ويتجمع مع غيره في ساحات الحارات والقرى للعب البريء والضحك الموزون والتسامر والمزمار والعرضة والشعر، وكانت تروج لبديل ابتكرته خاليا من كل معاني الإسعاد. أتذكر جيدا كيف كانت تتعطل الفرحة ذات النكهة الشعبية والقروية لصالح مخيمات حاول من فيها إقناع البسطاء بأن لديهم بديلا لقيمة الموروث ونكهته البريئة المبهجة، ولم يكن ذلك إلا (خياما) مبطنة بالسواد، فيها حفر لقبور وأكفان وكافور وبكائيات وصياح .. وتخريب للعقول. خطفوا العيد لزمن في كثير من القرى التي كانت تعتمد على ما يجود به أبناؤها ليفرحوا، وحاولوا إقناعهم بأن العيد الذي يبتسمون فيه ويستريحون من متاعبهم ويبتعدون عن همومهم وآلامهم ويضحكون فيه للناس والحياة ومعهم، يجب أن يكون تحت وصاية منهم. فشكرا لأولئك الأوفياء الذين أسعدوا الناس بالعيد وسعدوا به، وجعلوا الفرحة في القرية والمدينة التي لا تعرفها شركة راعية أو بلدية داعمة، صدقة لا يبغون منها إلا الثواب والجزاء. ورحم الله علي الطنطاوي حين قال فرحا بالعيد: «هي أعياد فرحة ومسرة، ولهو شريف، ومتاع حلال، والإسلام ليس دين تزمت ولا يحارب طبيعة النفوس التي طبع الله الناس عليها ولا ينافي الفطرة». وكل عام و(الكل) سعيد وفرح وبخير. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 245 مسافة ثم الرسالة