نقل موقع «العربية نت» (26 أغسطس 2010) خبرا عن افتتاح أول (مول تجاري للنساء) في محافظة الطائف، تعمل فيه «كوادر نسائية شابة من السعوديات، ويمنع دخول الرجال بأي حال من الأحوال»، وأن هذه الخطوة «لاقت ارتياحا كبيرا لدى الأسر المحافظة من المجتمع المحلي في الطائف، التي ينتمي سكانها بنسبة 95 في المائة إلى قبائل سعودية معروفة، عرف عنها التمسك الشديد بما يكفل لنسائهم الحشمة والعفاف». وأود هنا إلقاء نظرة فاحصة على ما استندت إليه فكرة إنشاء هذه السوق من الناحية الثقافية والاجتماعية، ومناقشتها بتجرد وموضوعية، ففكرة كهذه يتوقع أن تكون لها ردود أفعال متباينة. بعض المؤيدين، ربطوا فكرة الأسواق الخاصة بالنساء ب«خصوصية المجتمع»، وعادات وتقاليد يرون ضرورة المحافظة عليها، وآخرون ربطوها بقيم أساسية مثل: المحافظة على الدين، ونشر العفة، واتقاء الفتنة، وتجنب الاختلاط، وغيرهم وجدوا فيها ارتياحا من هم اصطحاب نسائهم أثناء التسوق، وملازمتهم «للحفاظ عليهن من المضايقات»، ولعل بعضهم رأى فيها جدوى اقتصادية. أما غير المحبذين للفكرة، فبعضهم استند إلى أنها لا تلقى قبولا إلا من بعض ذوي التوجهات المنغلقة، وأنها تكرس الهوس بالفصل غير المبرر بين الرجال والنساء، بشكل غير مسبوق في التاريخ الإسلامي، واضطراب (فوبيا النساء)، وهي ليست مطروحة بشكل جِدي في المجتمعات المتقدمة حضاريا، أو حتى العربية المحافظة الأخرى، وأن إنشاء «الأسواق النسائية»، محاولة للالتفاف على مشكلات اجتماعية وسلوكية أخرى، وتجاهل مواجهة بعض الظواهر السلبية، ومنها: الخلل الأخلاقي لدى بعض الأفراد في العلاقة الاجتماعية بين النساء والرجال، وظاهرة التحرش، إضافة إلى محدودية الوظائف المتاحة للنساء، في مجتمع ذكوري بامتياز. ومهما اختلفت وجهات النظر، فإن ظاهرة كهذه تحتاج إلى وقفة متأنية، ومواجهة صريحة، واستقصاء آراء المثقفين، والاقتصاديين، والاخصائيين الاجتماعيين، بناء على معطيات اجتماعية وثقافية علمية، لمناقشتها والوقوف على دواعيها المختلفة، ومن ثم العمل على دعمها ونشرها في حال فائدتها، أو كبح جماحها وتفادي آثارها في حال عدم صلاحيتها للاستهلاك الاجتماعي. *استشاري الأمراض الصدرية واضطرابات النوم [email protected]