تصاعدت حدة الخوف لدى سكان الأحياء المجاورة لمطار الملك عبدالعزيز في جدة من انتشار الأوبئة والأمراض نتيجة لتلوث أجواء المنطقة بالروائح الكريهة الصادرة عن النفايات المنبوشة في المشروع الجديد للمطار. ولم يملك سكان تلك الأحياء حيلة للتخفيف من استنشاقهم للروائح الكريهة منذ عدة أشهر في ذهابهم وإيابهم ودخولهم وخروجهم من المنازل والمساجد إلا الاستعانة بلبس الكمامات، بعد أن تجاهلت أمانة محافظة جدة مطالبهم المتكررة بضرورة نقل النفايات التي نبشتها الشركة المنفذة لمشروع مطار الملك عبد العزيز، وأصبحوا يفكرون جديا في تحريك قضية ضد أمانة جدة بسبب ما يتعرضون له من أذى. وتحدث ل «عكاظ» المواطن متعب الغامدي بعد أن أماط عن وجهه الكمامة «معاناتنا مستمرة منذ فترة طويلة، بعد أن نبشت إحدى الشركات نفايات المطار قبل نحو عام، ورفعنا في حينها شكوى إلى هيئة الطيران المدني، والتي أبدت استعدادها لنقل النفايات فورا، ولكن المشكلة كانت برفض الأمانة استقبال النفايات في الموقع المقترح، ومطالبتهم بإنشاء خلية جديدة للنفايات، ولم يطرأ جديد حتى الآن». ويضيف الغامدي «أبناؤنا أصابهم الربو والأمراض الصدرية، وأصبح لا شغل لنا إلا البحث عن مستوصفات ومستشفيات لعلاج ما أصابنا وأصاب أبناءنا من أمراض بسبب هذه المشكلة». وأما المواطن عبد الله السهلي فيقول «الرائحة الكريهة، خصوصا في المساء، حرمتنا من الخشوع في صلاتنا خلال ليالي شهر رمضان واضطرتنا إلى الذهاب إلى مساجد بعيدة، لكننا في الفترة الأخيرة قررنا أن ندخل المسجد بالكمامات لكي نحيي مسجدنا القريب من منزلنا». ويستطرد قائلا «الرائحة تلاحقنا حتى داخل منازلنا، وتحرمنا وأبناءنا من النوم، ولابد أن تضع الجهات المعنية حدا لهذه الكارثة البيئية». ويضيف المواطن عبدالله الحربي في حديثه ل «عكاظ»، أن الأضرار التي سببتها الروائح الكريهة لم تتوقف على الجانب النفسي والصحي فحسب، بل تعدت ذلك إلى الإضرار بالجانب الاقتصادي في المنطقة، «حيث غادر غالبية المستأجرين في العمارة التي أملكها، واضطررت إلى تخفيض الإيجار بشكل كبير لاستقطاب مستأجرين آخرين، ولكن دون فائدة»، ويضيف «من يتحمل هذه الخسائر الاقتصادية والصحية والنفسية؟ فقد غاب عنا حتى أقاربنا وأصدقاؤنا الذين فضلوا عدم زيارتنا حتى لا تؤذيهم تلك الروائح». وذكر سكان المنطقة أن النفايات التي نبشت داخل شبك المطار كانت مدفونة منذ أكثر من عشر سنوات، وعندما بدأت إحدى الشركات في تسوية تلك الأرض من أجل تنفيذ مشروع مطار الملك عبدالعزيز الجديد خرجت أكوام النفايات وانتشرت الرائحة، مؤكدين حضور أعضاء المجلس البلدي ووقوفهم على المشكلة، وأنهم حرروا بذلك عدة مخاطبات رسمية دون أن تؤدي إلى نتيجة. من جهته، أكد ل «عكاظ» الناطق الإعلامي في الهيئة العامة للطيران المدني خالد الخيبري، أن الهيئة نسقت مع أمانة جدة فور حدوث المشكلة، وجرى إعداد خطة للتعامل معها بحلول بعيدة المدى وأخرى قريبة، حيث تم تحديد موقع لخلية جديدة في مرمى النفايات الجديد التابع للأمانة بهدف استيعاب تلك النفايات، ويستغرق إنشاؤها عدة شهور، «في الوقت الذي طلبنا من المقاول دفن النفايات فورا للقضاء على الرائحة حتى تجهيز المكان الجديد الذي ستنقل إليه»، مفيدا بأن المقاول قد أتم دفن 50 في المائة من الموقع حتى الآن، ويتوقع الانتهاء من الباقي خلال الشهر المقبل. وكشف ل «عكاظ» مصدر مطلع في الشركة المنفذة للمشروع عن تخصيص الهيئة العامة للطيران المدني مبلغ 20 مليون ريال لإنشاء الخلية المخصصة لاستيعاب النفايات، مفيدا بأنه تأخر البدء في المشروع بعد تعيين أمين جديد لمحافظة جدة، ومشيرا إلى أن الهيئة العامة للطيران المدني تبذل قصارى جهدها لحل المشكلة بشكل سريع.