ضرورة إنسانية أن تتوازن كفتي التكنولوجيا وما أحدثته تقنيات تعبر عن مدى تقدم قدرات الإنسان المعاصر من خلال محاولته للسيطرة، أو ليحل العديد من مشكلاته الحياتية، وبين افتقار الإنسان لقيمه الأخلاقية (الأخلاق هي اللبنة الأساس لتطور الأمم) والتقصير المهني هو انعكاس للتردي الأخلاقي، لهذا فإن الأخلاق المهنية ترتبط ارتباطا وثيقا بأيدلوجيات الأمم والشعوب. وهي كانت في صراع دائم بين الاشتراكية وقيمها والراسمالية. وأخطر قضايا الأخلاق ارتبطت بالجانب التطبيقي النابع من مشكلات علوم الحياة الطبية، الهندسة الوراثية، الاستنساخ، نقل الأعضاء، والقتل الرحيم. والمدقق لبعض هذه المشكلات الطبية يجد أنها قديمة، فالتزام أبقراط احتوى على بعضها، غير أن أعظم سمات العولمة وهي وجود أطراف تؤمن بإنسانية الإنسان وعظمته تسعى إلى رفع الفساد والظلم. فقد أسس الغرب بعد عصر النهضة منظومة أخلاقية مهنية قامت على وضع قوانين ومواثيق تحدد للعمال واجباتهم نحو احترام العمل ووقته وقوانينه. في المقابل، منحتهم حقوقهم المالية والتأمين الاجتماعي والرعاية الصحية وحقوق ما بعد الخدمة، إلا أن هذه المنظومة اعتمدت على بروقراطية ماكس فيبر عند بعض الدول الأوروبية غير أن اليابانيين اعتمدوا في تأسيس منظومة أخلاقية مهنية بعيدة عن منظومة ماكس فيبر البروقراطية تعتمد على قيم المجتمع الياباني الأخلاقية القديمة القائمة على حب العمل والإتقان والقدرة على الابتكار والتجديد والاحترام تعتبر قوانين ومواثيق لكل الأجيال القادمة. بيد إن هنالك مثالية تميزت بها هذه المنظومة فقد جعلت من الإنسان الياباني آلة لا يوازن بين حاجاته الحياتية من راحة وترفيه وعلاقات اجتماعية وبين حبه للعمل. فالإنسان كائن اجتماعي يحتاج إلى الغير كحاجته إلى الحياة، ولكنا إذا قارنا بين الإنسان الياباني وبعض أناسنا المسلمين في تقدير العمل واحترامه، نجد أن هنالك فرق كبير بالرغم من الاختلاف العقدي بيننا. فمنظومتنا الأخلاقية الإسلامية تتضمن أنبل القيم الأخلاقية التي تلازم الإنسان في كل تحركاته وسكناته من الحياة حتى الممات، تراعي كل خلجات وخبايا النفوس لإنها تعتمد على النية الصادقة لمرضاة الله تعالى. لهذا، فإننا في حاجة ماسة لقوانين ومواثيق تنظم أخلاقية المهنة، ولابد من تربية الأبناء على ذلك لنصنع أجيالا قادرة على تحمل المسؤولية لصناعة غد أفضل.