ما الذي يجعل الكثير من العرب «الخليجيين والمصريين تحديدا» يسخرون من الأفلام الهندية التي حققت جوائز كثيرة على مستوى العالم آخرها فيلم «المليونير المتشرد» الذي فاز بثماني جوائز «أوسكار»؟ وهذه السخرية ليست حكرا على العامة، حتى من يتعاطون الفن ويعملون فيه كمهنة تجدهم يسخرون من الفن الهندي، مع أن العرب لم يحصدوا أي جائزة على المستوى العالمي، حتى جائزة المخرج المصري «يوسف شاهين» حصدها من فرنسا ليس بسبب فيلم، بقدر ما هي جائزة اليوبيل الذهبي لعمله 50 عاما. البعض يفسر أسباب السخرية بأنهم يبالغون في تقديم «البطل» الذي يفعل أمورا لا يصدقها العقل، وهذا صحيح فأغلب الأفلام تقدم مثل هذه النماذج الأسطورية، لأن المشاهد العادي مطحون في حياته وضعيف، ويحلم بأنه اكتسب قوة خارقة وانتقم من أعدائه الحقيقيين أو الوهميين الذين منعوه من تحقيق طموحاته وأحلامه، فتأتي هذه الأفلام لتحقق له حلمه على مستوى السينما، ولكن لماذا السخرية من الأفلام الهندية، مع أن هناك أفلاما أمريكية أبطالها يشبهون أبطال الأفلام الهندية وربما «رامبو في أفغانستان» الذي جابه لوحده الجيش الروسي وانتصر عليه يؤكد ما يذهب إليه المقال، ورغم هذا لا أحد يسخر من تلك الأفلام التي تبهره؟ البعض يحيل الأمر للتقنية وأن التقنية العالية هي من تجعل الإنسان يصدق، فيما التقنية ضعيفة في الأفلام الهندية، لهذا تتم السخرية منها. وهذه نصف الإجابة، فنحن لا نستطيع إنكار تلك القدرة التقنية والتصوير المبهر، بيد أن هناك أمرا آخر هو من يحجب السخرية عن تلك الأفلام الأمريكية، والذي يمكن تسميته ب«القوة الناعمة». وهي تلك القوة المعنوية التي وإن كانت «القوة الخشنة أو الطاغية بالنسبة للمجتمعات الأخرى» تلعب دورا في إبهار الآخر أو تخويفه، إلا أن «القوة الناعمة» هي من تجذبه لها وتجعله يراها المثال في القيم والفن والإنسانية، لهذا هو لا يتعامل مع فنها بحس النقاد كما يحدث للأفلام الهندية، بل بحس المنبهر بهذا الفن، مع أنه وإلى حد كبير يشبه تلك الأفلام التي يسخر منها. علي أن أنبه إلى أن ما أتحدث عنه هنا الأفلام الأمريكية «الأكشن» التي تقدم أبطالا يشبهون أبطال الأفلام الهندية، لكن لا أحد يسخر منهم بسبب «القوة الناعمة». ويبقى السؤال المهم: هل ما يقدمه العرب من فن أفضل من الفن الهندي، أم أن ثقافة السخرية من الآخر هي سلاح لإخفاء واقع الفن العربي السائد؟. [email protected]