نزل إلى الأسواق السينمائية حديثاً فيلم «القابلون للرمي» على شكل أسطوانة DVD إثر نجاحه على الشاشة الفضية خلال صيف 2010، وهو من إخراج وبطولة سيلفستر ستاللون نجم أفلام المغامرات في الثمانينات والتسعينات من القرن العشرين وخصم أرنولد شوارزينيغر المتخصص بدوره في اللون السينمائي نفسه قبل أن يغادر الفن الى السياسة ويقرر العودة إليه الآن من جديد. وقد نجح ستاللون في الجمع بين شلة من ألمع نجوم أفلام المغامرات القدامى وهذا هو الإنجاز الذي يتميز به الفيلم الجديد والذي أدى الى رواجه لدى نزوله إلى صالات العرض. أما أبطال الفيلم فهم ستاللون نفسه وشوارزينيغر وبروس ويليس وميكي رورك ودولف لوندغرين وإيريك روبرتس وجيزون ستاتهام والصيني جيت لي. كان نجم ستاللون قد بدأ يخبو في فترة ما ثم أتته فكرة إخراج الجزء الختامي من سلسلة أفلام «رامبو» التي أطلقته في أول الأمر فعاد النجاح يطرق بابه قبل أن يفر مرة جديدة ويعود إلى الظهور الآن. وفي إطار جولة أوروبية زار ستاللون باريس كي يروج لأسطوانة DVD الخاصة بفيلمه «القابلون للرمي»، فالتقته «الحياة» وحاورته. أنجزت مهمة صعبة جداً في فيلمك الجديد «القابلون للرمي» وهي جمع عدد من أشهر أبطال أفلام المغامرات في الثمانينات علماً أن كل واحد منهم أيام زمان كانت له أفلامه ولم يتخيل الجمهور لحظة واحدة مشاهدتهم في فيلم واحد. فما الذي دفعك إلى ذلك؟ - كنا ننافس بعضنا البعض في الثمانينات والتسعينات، أنا وأرنولد شوارزينيغر ودولف لودندغرين وجت لي وميكي رورك وإيريك روبرتس، وكنا نتبادل الكره ونتمنى لبعضنا البعض الفشل الذريع مع كل فيلم جديد لأحدنا يظهر في الأسواق. ثم أتى بروس ويليس وأدخل إلى لون المغامرات نبرة جديدة ذهبت بنا نحن القدماء إلى جهنم فاضطررنا إلى تجديد سيناريوات أفلامنا وأسلوب تصويرها من أجل أن نبقى فوق الساحة. جاءتني فكرة الجمع بين كل الخصوم القدامى، وبينهم ويليس الذي كرهناه والذي جمعنا ضده بعدما كنا لا نطيق بعضنا البعض، في فيلم واحد يروي مغامرة تشارك فيها مجموعة من المرتزقة المخضرمين. وهم وافقوا بلا تردد وكتبتُ السيناريو وتوليت الإخراج علاوة على أداء أحد أدوار البطولة. والفيلم يضرب الأرقام القياسية حالياً منذ ظهوره في الولاياتالمتحدة. كيف أقنعت شوارزينيغر بالظهور في الفيلم خصوصاً أنه كان في أيام التصوير حاكماً لولاية كاليفورنيا ويمارس النشاط السياسي بجدية تامة؟ - عرضت عليه المشروع ووجدته متحمساً على الفور، وكتبت له عبارة في السيناريو فحواها أنه يطمع في رئاسة الولاياتالمتحدة وهو ضحك حينما قرأها ووافق على النطق بها في الفيلم كنوع من السخرية تجاه نفسه. هل ولت الخصومات بينكما إذاً؟ - كلياً فقد شبنا وعقلنا. لكن شوارزينيغر عائد إلى السينما الآن بعد اعتزاله السياسة، ألا يعني الأمر أن المنافسة على الأبواب مرة جديدة؟ - نعم، وأنا لا أعتبرها بمثابة تهديد بالنسبة إلي بل على العكس أنظر إليها كدافع للجودة والاستمرار في بناء مشروعات مستقبلية. أنا وشوارزينيغر نكمل بعضنا البعض مهما غضبنا وتشاجرنا وحسد كل منا الثاني، ثم أننا مثلما ذكرته للتو شبنا وعقلنا. لقد جاءت إليك السينما وأنت شاب رياضي تحترف الملاكمة وتقف أمام عدسات مصوري المجلات بفضل وسامتك وتكوينك الجسماني، لكنك عرفت كيف تستمر فيها وتبني لنفسك شهرة عريضة وعالمية، فكيف تعيش شهرتك الآن؟ - إنني مسرور وفي الوقت نفسه لا أصدق ما يحدث لي لأنني لم أتخيل لحظة واحدة في بدايتي وصولي إلى مرحلة النجومية الدولية العريضة واكتفيت بالحلم بها وتقبل الفرص المتاحة أمامي، ثم تدربت بعض الشيء لأحسن مستوى أدائي التمثيلي إلى جانب حفاظي على تكويني الجسماني الرياضي المتفوق. ولكنني حتى اليوم لا أزال جاهلاً في أمور التمثيل على طريقة «شكسبير» ولا أعتبر نفسي موهوباً بل تقودني الغريزة في طريقة عملي إذ أعتمد على حاستي السادسة وأجيد التصرف في الوقت المناسب. فلست من النوع الذي يتقمص الدور طوال الليل والنهار طوال الأسابيع التي يستغرقها التصوير. إنني في النهاية أصدق ما يقال عن أميركا بأنها القارة التي تحوّل الأحلام حقيقة، إذ لا أعتقد بأن ما حدث لي يمكن أن يحدث لفنان أوروبي مثلاً، على الأقل ليس بالطريقة نفسها المبنية على الإرادة والبدء من الصفر من دون أي ثقافة فنية في الأساس ولا أي شهادة من معهد درامي متخصص. هل تختار أدوارك بشكل غريزي عفوي أيضاً أم بدافع آخر؟ - أقع في غرام السيناريو أولاً ولا يهمني دوري بالتحديد، فأنا أديت المغامرات والفكاهة والشر من دون تفرقة. لذلك تجدني الآن في حال من الفرح الكبير بسبب نجاح فيلمي الجديد «القابلون للرمي» فور ظهوره في الأسواق العالمية، وأتمنى أن تلاقي النسخة ال DVD منه الرواج نفسه، لأنه الفيلم الذي يرمز إلى عودتي إلى الشاشة بعد غيابي ثلاث سنوات منذ «رامبو» الأخير. هناك فترة من حياتك تميزت بالتجارب الفنية القاسية، خصوصاً بعد فشل فيلمك «فوق القمة» وأيضاً اثنين من مجموعة أفلام «رامبو» التي لم تحقق رواج الجزء الأول أو الجزء الأخير، فما هو شعورك تجاه الفشل؟ - أعجز عن العثور على الكلمات التي تعبر عن مدى الأسى الذي شعرت به بسبب سقوطي في الهاوية بين يوم وليلة من دون أن أدرك كيف أو لماذا حدث هذا الشيء. من الصعب على المرء أن يفقد النجاح والشعبية والثروة في آن، والذي يحدث هو أنه يفقد رشده كلياً. ولكنني بعد فترة من الانهيار النفسي والمتاعب الصحية تشجعت وقررت مسك زمام حياتي بنفسي والاتجاه الى كتابة السيناريوات والإخراج السينمائي. فأنجزت الجزء الأخير من «رامبو» مثلما كنت قد فعلت مع الجزء الأول قبل أن أسمح لغيري بإخراج الأجزاء المكملة وأكتفي بالتمثيل. وعاد النجاح يطرق بابي، لذا أكرر أن أميركا، في رأيي، ليس لها مثيل من ناحية الفرص التي يمكن للمرء أن يعثر عليها، مما لا يعني أن الحياة فيها ليست قاسية بل بالعكس، ولكن إذا تواجدت الإرادة يصبح من الممكن تحريك الجبال. أديت أساساً حتى الآن أدواراً مبنية على اللقطات العنيفة جلبت لك تقدير الجمهور المراهق والشاب عموماً، فهل تعشق هذا اللون السينمائي بشكل خاص؟ - أجل، فأنا فعلاً أحب أفلام المغامرات حتى إذا كانت تعتمد في أحد جوانبها على التقنيات الحديثة والمستقبلية مثلما هو الحال في «القابلون للرمي»، لأنني أنظر إلى السينما بعين الطفل الكامن في داخلي وأريد أن أحلم وأن أثير مخيلة المتفرج، فلا يهمني الدور العادي الذي يصور حياة الناس اليومية في البيت أو المكتب أو الطريق العام. أنا أريد الدخول إلى الأستوديو والتواجد في وسط ديكورات خلابة مبنية خصيصاً من أجل الفيلم وتنقلني بسرعة إلى عالم آخر. وأود توضيح نقطة أساسية في ما يخص العنف، فأنا ضد مبدأ المشاهد التي تعتمد العنف الرخيص في السينما. والعنف إذا تواجد فلا بد من أن يصور الجانب الشرس من البشرية الذي يفترض على كل واحد منا قتله في أنفسنا أولاً وثم من حولنا في ما بعد. فالخير ينتصر في نهاية كل أفلامي ولو كان ذلك على حساب حياة البطل في بعض الأحيان. أهل الصحافة ما هو رد فعلك تجاه تجاهل لجنة جوائز الأوسكار الأميركية أعمالك السينمائية؟ - قيل وكتب ألف شيء وشيء عن هذه الحكاية، فما الذي أستطيع أن أضيفه غير أنني فعلاً لا أبالي بالجوائز وأفتخر بشيء واحد هو وجودي في الساحة السينمائية بشكل يقدره الجمهور على المستوى العالمي، فهذه هي أكبر جائزة لي. أما الأوسكار فإذا أتى أهلاً وسهلاً به وإن لم يأت فلن أموت أو تتغير حياتي بسببه. ما هي مساوئ النجومية في رأيك وحسب تجربتك؟ فقدان الحرية الشخصية والعائلية إلى حد ما. فأنا أصبحت محاصراً ومراقباً من كل ناحية ومضطراً لالتزام الحيطة المستمرة حيال أجهزة الإعلام وأهل الصحافة. لكنني أعتقد بأنني قادر على مواجهة مثل هذه الصعوبات وعلى تخطيها بشكل سريع. أما غير هذه النقطة فلا أرى أي مساوئ للشهرة، وأضيف أنني أفضل سلبيات الشهرة على سلبيات قلة الشهرة. هل تعرف أي شيء عن الفن السينمائي العربي؟ - أعرف أن مهرجان «كان» (الحالي) يخصص أحد أيامه أو ربما أكثر للسينما العربية والمصرية في شكل خاص، تبعاً للأحداث الأخيرة التي شهدتها مصر. أما عن الأفلام العربية نفسها فلا أستطيع الادعاء بأنني خبير في شأنها إذا استثنينا الأفلام التسجيلية، مثل فيلم «مفروزة» الذي أخرجته فنانة أوروبية حول أحد الأحياء الفقيرة في مدينة الأسكندرية. لقد شاهدت هذا العمل ووجدته في غاية القوة وتعلمت منه الكثير عن الوضع الاجتماعي في الإسكندرية. ولكن الفيلم من إخراج امرأة غربية وليست عربية ما يعني أن الفيلم في حد ذاته لا يتمتع بالهوية العربية. أنا طبعاً سمعت عن (يوسف) شاهين و(رشيد) بوشارب و(الأخضر) حامينا وهذا لا يكفي كي أقول أني أعرف السينما العربية، أليس كذلك؟