دخل المعتمر السوداني عبدالله معتز، في نوبة بكاء شديد استمرت لدقائق، في موقف يتكرر كثيرا هذه الأيام في المسجد الحرام، بعد عثوره على ابنته فاطمة ذات السنوات الثلاث التي فقدها في الحرم أثناء تأديته الطواف أمس الأول، وبعد بحث مضنٍ لنحو ساعتين دله رجال الأمن على مقر الأطفال التائهين جوار المسجد الحرام وتديره مؤسسة هدية الحاج والمعتمر في مقر شركة مكة للإنشاء والتعمير. وداخل مركز الأطفال التائهين احتضن المعتمر معتز ابنته الصغيرة، في مشهد إنساني شد الكثيرين بعدما مسح دموعه، إلا أنه تفاجأ برفضها مغادرة المركز ومواصلة اللعب بألعاب عديدة وفرتها المؤسسة، ودخلت في موجة بكاء وصراخ ولم يستطع إخراجها إلا بالقوة. موقف آخر للسعودي على عبود الذي قدم من الرياض، وفقد ابنه في الحرم، وقال عبود: أثناء دخولي للمسجد الحرام فقدت أحد أطفالي ذي الأعوام الخمسة، وعند وصولي لصحن المسجد الحرام أحسست بفقد ابني وجلست أبحث عنه وأسأل وأنا في قلق شديد. وزاد: «دلني أحد رجال الأمن على مقر الأطفال التائهين، فتوجهت مسرعا إلى هناك، وعندما شاهدت ابني سقطت وسجدت على الأرض شكرا لله؛ لأنني تصورت أنني لن أرى ابني مرة أخرى خصوصا وسط هذا الزحام الشديد». مشهد آخر داخل الحرم كان بطله رجل أمن يحمل ويداعب طفلة باكستانية لم يتجاوز عمرها العام، وهي في حالة بكاء في منظر إنساني يدل على تفاني رجال الأمن في خدمة ضيوف بيت الله الحرام، ولم تمض دقائق إلا وحضر والدها لاستلامها، حيث عبر عن شكره وامتنانه لرجل الأمن على هذا العمل الإنساني. وبلغ عدد الأطفال التائهين الذين دخلوا مركز مؤسسة هدية الحاج والمعتمر الخيرية منذ دخول رمضان 576 طفلا تم تسليمهم جميعا لذويهم، إذ لم يبق طفل أكثر من 24 ساعة عبر التحويل إلى الشرطة، ويحدث في الغالب ضياع الأطفال في الحرم المكي بعد صلاة التراويح وفي العشر الأواخر من رمضان. وأوضح ل «عكاظ» رئيس مؤسسة هدية الحاج والمعتمر منصور العامر أن لديهم مركزا متكاملا يحوي ألعابا يحتاجها الأطفال مخصصصا لاستقبال التائهات والتائهين. وأبان العامر «وفرنا مربيات ومربين للجلوس مع الأطفال لحين حضور ذويهم ويتم تسجيلهم بشكل رسمي بإشراف من شرطة المسجد الحرام وأي طفل يدخل يتم تسجيل رقم ولي أمره». وقال رئيس هدية الحاج والمعتمر «المركز يستعين بمترجمين للأطفال الذين لا يتحدثون العربية لمعرفة أسمائهم كما يقدم الماء البارد والوجبات الخفيفة والعصائر، وكثير من الأطفال ينسى أسرته وينهمك في الألعاب، وبعضهم يرفض الخروج». وبين العامر، أن المركز يتكون من مقر مخصص للفتيات وآخر للبنين، مشيرا إلى أن مؤسسة هدية الحاج والمعتمر توزع مجانا حزام معصم للأطفال يدون فيه ولي الأمر هاتفه ومن ثم ربطه على معصم الطفل وتم توزيعه على الفنادق والشقق المفروشة.