تلقت الأوساط الدبلوماسية في بروكسل بحذر كبير الإعلان الصادر عن اللجنة الرباعية والذي دعا الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي إلى استئناف المفاوضات غير المباشرة بينهما في الثاني من سبتمبر المقبل تحت إشراف الولاياتالمتحدة، وبعد عام ونصف عام من تعليقها. ورحب الاتحاد الأوروبي رسميا بهذا التطور. ودعت الممثل الأعلى للسياسة الخارجية الأوروبية كاثرين آشتون الفلسطينيين والإسرائيليين إلى العمل بسرعة وجدية لإنجاح المفاوضات خلال عام والعمل لإنهاء كل المسائل المتعلقة بالوضع النهائي. وقالت إن الاتحاد الأوروبي يعمل من أجل حل الدولتين على أساس دولة فلسطينية ودولة إسرائيل تعيشان جنبا إلى جنب. ولكن ورغم هذا التأكيد، فإن شكوكا كبيرة تخيم على مصداقية التحرك الجديد القديم للجنة الرباعية، وعلى موقف الأطراف الدولية الكبرى المروجة لهذا التحرك بسبب عدة عناصر محددة. ومن أهم هذه العناصر غياب تسجيل أي ربط من قبل الرباعية الدولية بين استئناف المفاوضات غير المباشرة و وضع حد لأهم المعوقات التي تعرقل العملية السلمية وهي أنشطة الاستيطان الإسرائيلي. كما أن اللجنة الرباعية لا تزال ترفض اعتبار مقررات الأممالمتحدة الخاصة بالجلاء عن الأراضي العربية المحتلة عام 1967 مرجعا أوليا للسلام، وهو الحل الوحيد القابل للعيش في منطقة الشرق الأوسط والذي اعتمدته مبادرة السلام العربية ورفضته إسرائيل. وأكدت مصادر دبلوماسية في بروكسل وجود خلافات داخل اللجنة الرباعية نفسها حول هذه المسائل. وإذا ما استأنفت إسرائيل، وكما هو متوقع في 26 سبتمبر المقبل، أنشطة الاستيطان وبما في ذلك في مدينة القدسالشرقية، فإن التحرك الجديد للجنة الرباعية لن يصمد على الأرض سوى في حالة تقديم الطرف الفلسطيني هذه المرة تنازلات جوهرية. ولا تزال اللجنة الرباعية بمختلف أطرافها، وخاصة الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي، ترفض الركون إلى أي من أشكال الضغط على إسرائيل بوصفها قوة الاحتلال التي يفترض أن تستجيب لمقررات الأممالمتحدة أسوة بجميع أعضاء المجتمع الدولي، ورغم ما يردده المسؤولون الأوروبيون فقد استبعد الاتحاد الأوروبي الركون إلى هذا الخيار. يردد المسؤولون في بروكسل إنهم لا يرون ضرورة أو فائدة في استعمال حتى الأدوات القانونية المتحدة لهم ضمن آليات التعاون القائمة مع إسرائيل لتعزيز المفاوضات. كما أن الكونجرس الأمريكي في واشنطن يقدم دعما مستمرا لإسرائيل. وفي كل الحالات مما يمكنها من حصانة تامة ويجعلها في موقف القوة خلال المفاوضات مع الطرف الفلسطيني. وعلى الصعيد الفلسطيني، فإن الانقسامات الفلسطينية ورفض الرباعية الدولية التعامل مع جميع الأطراف الفلسطينية، وبما فيها في غزة بشكل يسمح بالتوصل إلى أي اتفاق ذي مصداقية بين الفلسطينيين وإسرائيل ورغم ما يتم ترديده، وإن إسرائيل دون شك ستلوح في نهاية المطاف بهذه النقطة لرفض أية تسوية. وذكر دبلوماسي أوروبي في بروكسل أن إسرائيل أبلغت الاتحاد الأوروبي بشكل شبه رسمي أنها لن تقبل في نهاية المطاف بوقف تام لأنشطة الاستيطان، لأن ذلك، وحسب الإسرائيليين، سيتسبب في حرب أهلية داخل إسرائيل. كما أنها لن تقبل بأية تسوية نهائية ملزمة مع الفلسطينيين، لأن جزءا منهم لا يزال يرفض الاعتراف بها. وأمام هذه المعطيات، فإن تحركات اللجنة الرباعية والتوجه إلى استئناف المفاوضات يعد من عداد المناورات السياسية للاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة الباحثين حاليا عن تجاوز عدد من المعوقات في إدارة ملفات دولية وإقليمية محددة. ويعتبر المراقبون أن هامش تحريك المفاوضات المقبلة بين الفلسطينيين والإسرائيليين سيكون محدودا، وأنه يجب أن تجري بشكل سريع لغلق الملفات المعلقة التي قاربت على الانتهاء في المفاوضات السابقة، والتركيز بشكل طارئ على المسائل الملحة وهي الاستيطان، القدسالشرقية، والعلاقة بين الضفة وغزة وهو ما يطرح عدة تساؤلات جدية بشان فرص النجاح الفعلي لها.