ترتسم الابتسامة على وجوههم وهم يقضون رمضان على أسرة المستشفيات، رغم ما تخفيه صدورهم من ألم، ورغم المرض الذي أصابهم، تجد البعض صائما وهم يحتسبون الأجر، فيما يجبر آخرون على الإفطار رغما عنهم لظروفهم المرضية. أجر الصيام والصبر إبراهيم بكر علي حفني (68 عاما) موظف جمارك متقاعد يقول: بعد تقاعدي عام 1417ه أحسست بآلام تداهمني بين الحين والآخر، فلا أكاد أتحمل الوقوف كثيرا، حتى أفقد توازني وأسقط، وعند مراجعتي لأحد المستشفيات الخاصة في جدة، أبلغوني أن النخاع الشوكي يضغط على فقرات العمود الفقري، ما سبب مضاعفات جانبية تحتاج لعملية على وجه السرعة. ويضيف: رغم الألم والسكري وابتعادي عن أبنائي وأحفادي، إلا أن لرمضان بالغ الأثر في نفسي وأنا أصوم كل يوم رغم المرض، أو فرضا من الصلوات الخمس وأحتسب أجري عند الله. حادث سيارة ويقول عبد العزيز ناصر العولقي (24 عاما): رمضان يمثل فرصة كبيرة، وأنا هنا أفتقد أجواء وروحانية الشهر واجتماع الأهل، خصوصا ساعة الإفطار فذاك شعور لا يعادله أي شعور آخر، ووقعه بليغ على النفس وعلى الصغير قبل الكبير. ويضيف: السبب في حالتي هذه حادث سيارة، ففي ذات يوم عندما كنت ذاهبا مع بعض زملائي في العمل لإنجاز بعض المهام, قطع السائق في لحظة تهور نادرة الإشارة الحمراء، فجاءت سيارة مسرعة من الناحية الآخرى لترتطم من ناحيتي بالتحديد، فأصبت بتهتك في فقرات الظهر، ما أثر في توازني لدرجة أنني لم أستطع الجلوس أو الوقوف إلا بمساعدة الآخرين. إصرار وتحدٍ خالد عليثة الجهني (34 عاما ماجستير) يقول: شهر رمضان يبشرني بالخير دائما فهو شهر كريم وفضيل والدعوة فيه مستجابة، فلقد أصبت بشبه شلل في النصف الأيمن من جسدي، نتيجة إهمالي منذ ما يقارب السبعة أعوام، حينما ركزت تفكيري على المذاكرة وتحضير الماجستير وأهملت غذائي، ما سبب في البداية تنميل تطور إلى أن أصبحت لا أستطيع التحكم في أعصابي، ولكن مع الإصرار والتحدي، تجاوزت ما يقارب ال60 في المائة من العلاج في تسعة أشهر. ويضيف خالد مع دخول رمضان أتمنى أن أكمل صيامي. قطع الإشارة أحمد المحضار طفل لم يكمل عامه العاشر تحدث من كرسيه المتحرك والابتسامة لا تفارق محياه قائلا: أرقد على السرير الأبيض منذ ما يقارب الستة أشهر، وقد افتقدت إخوتي والاجتماع معهم على مائدة رمضان، ففي ذات يوم وبينما كنا نلعب، اتفقنا على شراء بعض المشروبات الغازية والحلويات من محل في الشارع المقابل، فبينما كنت أهم بقطع الشارع، دهستني سيارة ومن شدة اصطدامها، لم أفق من غيبوتي إلا بعد مرور أكثر من ست ساعات في أحد المستشفيات الخاصة في جدة. ويقول والد أحمد: كانت إصابة ابني بالغة، فارتطام رأسه بالأسفلت سبب ارتجاجا في المخ نتج عنه شلل نصفي، إلا أنه يتمتع بإرادة قوية، فرغم صغر سنه مازال يواصل دراسته ويصوم رمضان. لا يرضون بواقعهم مرام الخياط الاخصائية الاجتماعية في مستشفى خاص للتأهيل الطبي في جدة تقول: هناك عوامل نفسية تصيب بعض المرضى نتيجة صدمتهم بالواقع، فكثير من المرضى لدينا تسوء حالتهم النفسية، خصوصا في رمضان، فكثير منهم يفتقدون لاجتماع الأهل والأصدقاء والأحباب حولهم، ولكننا بدورنا كمختصين وأطباء واستشاريين نبذل ما بوسعنا لاحتوائهم، خصوصا من الجانب النفسي، فبعض المرضى من شدة الصدمة لا يرضون بالواقع الذي يعيشونه وتلك من أصعب الحالات التي تصادفنا في المستشفى. وتضيف الخياط: أرى في دخول رمضان فرصة كبيرة لتكثيف زيارات الأهل والأقارب لذويهم، وأنصح أهالي المرضى بأن يكونوا قريبين إلى جانب ذويهم خاصة في رمضان.