لعل هذا العام كما لاحظ كل مهتم بالثقافة، من أكثر الأعوام التي رحل فيها المبدعون، ففي كل يوم، نسمع برحيل مبدع كبير، ونتحسر، وقد رحل الشاعر عفيفي مطر، والمفكر محمد عابد الجابري، والروائي الطاهر وطار، وكثيرون غيرهم، تركوا فراغا كبيرا في الساحة الإبداعية، واليوم نسمع برحيل الأديب الإنسان الرائع، غازي عبدالرحمن القصيبي، الذي كان وجوده في الساحة الثقافية العربية، وجودا راسخا، ومرموقا، ولا ينسى أحد أبدا، تلك الأشعار الرقيقة التي كتبها، والروايات الساخرة التي وصف فيها حال أمتنا، واحتلت مكانها في ذهن القراء. منذ عام ونصف تقريبا، اجتهدت صحيفة الجزيرة السعودية، في عمل ملف كبير ودسم، وممتع عن الأديب الفنان غازي، صدر بعد ذلك في كتاب ضخم، ومجلد، وبطباعة أنيقة، وكان لي شرف أن أغامر بالكتابة عن شخص مثل غازي القصيبي، وأشارك في ذلك الملف. ساعتها قال القصيبي، إنه حصل على جائزة نوبله الخاصة، ولا يطمح إلى جائزة أخرى، وكانت تلك النوبل، هو ما قرأه من حب وتقدير كبيرين، من كل من كتب حرفا في ذلك الملف، وحتى من الغربيين الذين شاركوا، وأنا أؤيده في ذلك، فليس من جائزة أعلى قيمة من حب الناس، ولا تقدير، أكبر من أن تقرأ ما يعتقده الناس فيك، وأنت حي. المعروف، أن غازي القصيبي، كان في حياته، فنانا كبيرا، ومبدعا لم تشغله السياسة، ولا الدبلوماسية عن الكتابة، وتميز طابع كتاباته خاصة الروائية منها، بالأسلوب الساخر الذي يقصد شيئا، ويشير إلى غيره، وروايات مثل العصفورية، وأبو شلاخ البرمائي، خير دليل على تلك اللغة الساخرة، والسخرية هنا ليست كلاما عاما، أو هذيانا، كما نجد عند كتاب كثيرين، ولكنها أسلوب مدروس، وسلس، يقودك من يدك إلى نهاية النص، من دون تعقيد. وقد قلت من قبل في تعليقي على رواية أبو شلاخ البرمائي، إن غازي القصيبي، يريدنا أن نقرأ كتابه بلا رأس، أي أن نلغي كل ما لدينا من منطق، وندخل صفحات الكتاب، وكانت قراءتي لتلك الرواية، وأنا أنطلق من تلك النظرية، من أمتع القراءات التي خصصت بها أعمالا إبداعية، لقد توغلت في سياحة غريبة، وساحرة وساخرة، في داخل الإنسان العربي، الذي أرادنا القصيبي أن تعرفه. ما يمكن أن يقال في رحيل مبدع، كثير جدا، خاصة إذا كان هذا المبدع غازي عبدالرجمن القصيبي، صديق الجميع، وصاحب الشخصية الجاذبة المميزة، إنه من جيل كتابي، أزعم بأنه أجمل جيل عبر بالثقافة العربية، وليت صحيفة الجزيرة، تشركنا في نوبل آخر عن هذا الراحل الكبير. للتواصل أرسل رسالة نصية SMS إلى الرقم 88548 الاتصالات أو 626250 موبايلي أو 727701 زين تبدأ بالرمز 104 مسافة ثم الرسالة