لأول مرة منذ 60 عاما تطعم جمعية البر الخيرية في مكةالمكرمة فقراء الحرم بدون أحد مؤسسيها وهو الإعلامي الراحل حامد حسن مطاوع الذي خلا مكتبه في الجمعية إلا من بقايا كتب ثقافية، حيث شيعت العاصمة المقدسة فجر يوم 24/5/1431ه حامد بن حسن مطاوع بعد الصلاة عليه في المسجد الحرام ووري جثمانه في مقابر المعلاة، حيث اكتظت المقبرة بجمع غفير من وجهاء وأعيان ورجال مكةالمكرمة ورجال التربية والتعليم ورجال الصحافة والإعلام ومحبيه وعدد من أصدقاء وزملاء الراحل تحدثوا عن سيرته ومسيرته كإنسان وإعلامي وأديب ورمز من رموز الصحافة في المملكة. يقول عن رحيل مطاوع رئيس مجلس إدارة جمعية البر الخيرية في مكة الدكتور طارق بن صالح جمال «فقدنا أحد مؤسسي الجمعية ورجالها المخلصين الذي عرف بصمته وأدبه وثقافته الواسعة وعشقه للعمل الخيري، فهو أنيق في ملبسه وحديثه وتعامله». عدد من المقربين من الراحل مطاوع يروون ملامح الأيام الأخيرة في حياته.. وفي ذلك يذكر عضو مجلس إدارة جمعية البر في مكةالمكرمة محمد حمدي «عرفت الراحل حينما جمعنا الوفد السعودي الزائر لإسبانيا عام 1413ه لحضور فعاليات افتتاح المركز الإسلامي في مدريد، وكان الوفد يضم الكاتب الإسلامي الراحل أحمد محمد جمال، والكاتب محمد أحمد الحساني، وكانت الزيارة بدعوة من أمين رابطة العالم الإسلامي في ذلك الوقت الدكتور عبد الله نصيف، وحدث أن الرحلة كانت متجهة من جدة إلى مدريد مباشرة غير أن حقائب الشيخ حامد مطاوع ومحمد الحساني تم شحنها على رحلة متجهة إلى لندن مما أوقعنا في حرج شديد عن كيفية إبلاغ الشيخ مطاوع، وفي ذروة حديثنا بسرية عن ورطة الوفد اكتشفنا أن الراحل مطاوع الذي حاولنا أن نخفي عنه خبر الحقائب خلفنا وقد سمع كل التفاصيل عن الخطأ غير المقصود». وذكر المدير العام لجمعية البر الخيرية في مكة محمد غلاب وهو أحد المقربين من الراحل أن مطاوع لم يفارق الجمعية منذ أكثر من 60 عاما وعادة ما يقضي أربع ساعات يوميا في مكتبه داخل الجمعية، وما يميز شخصية الفقيد الهدوء وسعة البال ولم يحدث أن سمعناه يرفع صوته طيلة تلك الفترة، فيما تعتبر الأناقة سمة واضحة من سمات الراحل. أحمد البلوشي السائق الخاص للراحل الذي رافقه لأكثر من 15 عاما كشف أن حامد حسن مطاوع لا يعرف قيادة السيارة، وتغلب على شخصيته التواضع والبلاغة والأدب. مكانة مرموقة يرى مدير عام التربية والتعليم للبنين في منطقة مكةالمكرمة بكر بن إبراهيم بصفر أن حامد مطاوع يعد فقيدا بحق كونه علما من أعلام الصحافة السعودية ومن روادها الذين وضعوا بصمات مازالت إلى اليوم في الحقل الإعلامي، إذ رأس تحرير صحيفة الندوة، كما أن له مقالات سياسية واجتماعية أبدع فيها أيما إبداع. من جهته، قال مدير عام التربية والتعليم للبنات في منطقة مكةالمكرمة حامد السلمي، إن وفاة الإعلامي الكبير حامد بن حسن مطاوع تعتبر بحق خسارة على الثقافة والإعلام على حد سواء، حيث كان أحد الرواد الأوائل الذين وضعوا بصماتهم على الساحة الإعلامية، وعلى يديه تتلمذ العديد من رجال الصحافة والإعلام. رمز مضيء من جانبه، يرى الإعلامي رفقي الطيب أن حامد مطاوع يعد أحد الرموز المضيئة في تاريخ الصحافة السعودية وهو باني مكانة صحيفة الندوة في عهد المؤسسات امتدادا للدور الوطني الذي أدته في حقبة صحافة الأفراد ابتداء من مؤسسها عميد الصحافة السعودية أحمد السباعي، ثم عهدي صالح وأحمد محمد جمال فضلا عما حققه حامد مطاوع على مدى ربع قرن وفي أزهى عصور الندوة التزاما بالمبادئ وترسيخا للقيم ودفاعا عن قضايا الأمة الكبرى وفي مقدمتها قضية فلسطين. وأضاف رفقي الطيب «كلما احتدم بيننا النقاش وتباينت الرؤى داخل يقول حامد مطاوع (يدرك باللطف ما لا يدرك بالعنف) وهو الأمر الذي تجسد في شخصيته الهادئة والمتزنة والرصينة، إلى جانب ذلك كان رحمه الله من أصحاب الشفاعات الحسنة وممن لم يبخلوا طيلة حياتهم في بذل وجاهتهم ومكانتهم الاجتماعية وعلاقاته الوثيقة بكبار المسؤولين في قضاء حوائج الناس ممن يعرف وممن لا يعرف، لأن بذرة الخير نبتة باسقة في سويداء قلبه وحناياه». خسارة فادحة من جانبه، عد الإعلامي فوزي خياط رحيل مطاوع خسارة فادحة على الصحافة والإعلام، «فقد كان الرجل ملء السمع والبصر، صاحب تاريخ ناصع قدم خلاله عملا كبيرا توسد به ذاكرة التاريخ، والذين يعرفون مطاوع يدركون أية خسارة هذه وأي فقد هذا، فقد كان واحدا من الرجالات الكبار الذين صنعوا تاريخا مضيئا ومشرفا سواء على صعيد العطاء العلمي أو الصعيد الإنساني، فقد نذر نفسه من أجل أن يوطد المحبة بين الناس، وكان شعلة متدفقة من التوهج استطاع بها أن ينير طريق الكثير من المكلومين والمحزونين. أما على الصعيد العملي فقد ارتقى الراحل بصحيفة الندوة إلى مدارج متفوقة وكانت واحدة من صحف المقدمة في عهد المؤسسات أثرت القراء على مراحل زمنية طويلة بكل جديد ومفيد، وكان كاتبا كبيرا يعتد به سواء ما كان في المجال السياسي أو الاجتماعي، فقد كانت له مشاركات مؤثرة وناجحة لا تنسى أبدا.