المشهد اليومي لساحات المسجد الحرام في رمضان يجسد بجلاء العالم الإسلامي بثقافاته وعادات دوله، فكلما اتجهت ببصرك صوب الساحات المحيطة أو حتى صعودا عبر السلالم الأرضية تطالعك صور تجسد خريطة العالم الإسلامي في كل قارات العالم، من المغرب إلى الصين. وفي ساحات الحرم تكتشف تنوع الزي الإسلامي وثرائه، فهناك الثوب الخليجي الذي يميزه العقال والغترة والزي الآسيوي الفضفاض بألوانه البسيطة، وصولا إلى الثوب المغربي أو الإندونيسي وكذلك الأفريقي بألوانه الصارخة، وبما يعكس تلاقح ثقافات المعتمرين الذين يحرصون على ارتداء أزيائهم الوطنية عند أدائهم صلاة التراويح. ورغم التطور والحداثة وآثار العولمة التي ألقت بظلالها على أسواقنا، ونسفت ملامح الأزياء النسائية القديمة، إلا أن عددا لا بأس به من المعتمرات القادمات من الخارج، لا زلن يقصدن مواقع بيع اللباس المكي القديم من «المدورة» إلى العباءة والسديرية، وهو ما كشفه سعيد ناجي صاحب محل بيع ملابس نسائية «أن معظم الطلبات تركز على الزي السعودي النسائي وخاصة الجلابيب النسائية بغرض الاستخدام الشخصي أو لتقديمه هدية للأقارب عند العودة». وكلما اقتربت من حلق ساحات المسجد الحرام تتناثر أمامك صور تعكس تمازج الثقافات وتقارب أكثر من 120 جنسية حول ساحات الحرم، لا يفرق بينها العرق أو الجنس أو اللون، وتكتشف أن جلسات ساحات الحرم المكي أسهمت في ربط علاقات صداقة ومودة بين معتمرين من أقاصي الدنيا، وهنا يقول المعتمر حسين بدري من مصر «قدرة عجيبة هي التي يفرضها علينا الدين في التعارف وكأننا نعرف بعضنا من شهور أو أعوام، حتى أنني حصلت على وظيفة في ماليزيا قبل ثلاث سنوات نتيجة هذا التعارف». وتجذب ساحات الحرم المكي، ملايين المسلمين الذين يتوافدون عليها من بقاع الدنيا لذا أصبح مجرد الوقوف على بلاطاتها يشكل أهمية بالغة كونها تعد بمثابة مصدر لتوثيق الزيارة، خصوصا وأن عدسات أجهزة الهاتف الجوال أصبحت الوسيلة الأهم لالتقاط الصور من خارج الحرم وجعلها خلفيات في أجهزة الهاتف. ويفضل المعتمرون عادة التسوق بعد صلاة التراويح، ويكثر الطلب على السلع مثل السجاد، السبح، الأقمشة، الملابس الجاهزة، وساعات الأذان وشرائط القرآن الكريم وهدايا أخرى. فيما ينتشر باعة السواك والهدايا حول الحرم بكثرة. ويحيط طوق أمني بساحات المسجد الحرام هذا العام منذ الساعات الأولى من المساء، ويمنع أي جهة خيرية لا تحمل تصريحا خاصا بتوزيع وجبات إفطار صائم داخل الحرم المكي، من تقديم الوجبات إلا بتمر منزوع النوى حيث أكدت إمارة منطقة مكةالمكرمة ممثلة في لجنة السقاية والرفادة على 25 جهة خيرية استخدام التمور منزوعة النوى. وطبقا للمشرف على الإطعام الخيري في ساحات المسجد الحرام، فإن هذه الخطوة ستشمل نسبة 100 في المائة من الساحات المحيطة بالحرم بعد أن كانت العام الماضي تغطي ما نسبته 80 في المائة. مشيرا إلى أنه لن يسمح لأي جهة أو فرد توزيع وجبات غذائية داخل الساحات إلا بتصريح، وذلك حرصا على تجنب التوزيع العشوائي والوجبات الغذائية المطبوخة أو الفواكه أو التمر الذي بداخله النوى تحقيقا لنظافة ساحات الحرم المكي، موضحا أن اللجنة ستركز العام المقبل على استخدام السفر العريضة التي تغطي كامل السجاد المخصص للصلاة في الساحات، وسيتم توظيف عدد كبير من النساء للإشراف على السفر النسائية في الساحات.