تنوعت مظاهر الفرحة ليلة العيد وأول أيامه أمس في ساحات الحرم المكي بين ارتداء الجديد الزاهي والتهاني العطرة وتبادل التحايا وتطمين الأهل بالهاتف، وفضل آخرون البقاء في مقار سكنهم لتجاذب أطراف الحديث وتبادل الذكريات. وتحولت ساحات الحرم إلى مايشبه شاشة تلفزيونية يمكن من خلالها الاطلاع على تقاليد، عادات، طقوس، وأزياء الدول الإسلامية، حتى في طرائق تبادل التهاني بالعيد والتي كانت حاضرة بجلاء خصوصا في مصليات النساء في الحرم المكي. وماتلاحظه أمامك يعطي صورة متعددة الوجوه لبلدان العالم الإسلامي، وكأن هذه الجموع أصبحت منظمة مؤتمر إسلامي مصغرة اجتمعت في أم القرى التي امتزجت فيها ثقافات وعادات عدة دول ومجتمعات من قاصدي بيت الله الحرام. وتكتشف في ساحات الحرم تنوع الألبسة من الثوب الخليجي الذي يميزه العقال والغترة، إلى اللباس الآسيوي الفضفاض بألوانه البسيطة، الثوب المغربي، الزي الأندونيسي، والأفريقي بألوانه الصارخة، ولا أدل على تلاقح الثقافات من أن كثيرا من المعتمرين يحرصون على ارتداء أزيائهم الوطنية عند أداء صلاة العيد. وعلى الرغم من نفحات العولمة التي ألقت بظلالها على أسواقنا لتنسف ملامح الأزياء النسائية القديمة، إلا أن معتمرات قادمات من الخارج يسألن عن مواقع بيع اللباس المكي القديم، من المدورة إلى العباءة والسديرية، ما كشفه لنا سيعد ناجي صاحب محل لبيع الملابس النسائية، والذي أوضح أيضا أن طلبات كثيرة تركز على طلب الزي السعودي النسائي خصوصا الجلابيات بهدف ارتدائها في مكة أو لشرائها كهدايا لأقارب المعتمرة في بلدها. كما تتناثر صور شتى عن التمازج الذي يحدث بين الجميع رغم فوارق العرق، الجنس، واللون، ويمكن للمراقب أن يلحظ أن ثمة علاقات صداقة انعقدت بين معتمرين من مشارق الدنيا ومغاربها، يقول حسين بدري وهو معتمر قدم من مصر: قدرة عجيبة هي التي يفرضها علينا الدين في التعارف وكأننا نعرف بعضنا من شهور، حتى أنني نجحت من هذه العلاقات في الحصول على وظيفة في ماليزيا. معتمرو شرق آسيا احتفلوا بالعيد بمظاهر أزيائهم التقليدية وإكمال الأناقة اللازمة، وشكلت الوجبات الآسيوية الحارة كثيفة التوابل حضورها اللافت. بينما احتفى معتمرو أفريقيا بالعيد بطريقتهم الخاصة حيث أشبعوا رغباتهم بالتسوق في البسطات لشراء الساعات والإكسسوارات والكماليات.