لم تحظ مؤسسة عامة لها الطابع التجاري (تبيع خدماتها) بمثل ما حظيت به الخطوط الجوية العربية السعودية من الدعم الحكومي الهائل والتسهيلات العظيمة والمرونة الفائقة والمواقف المساندة والثقة التي تمنح للقائمين عليها. دعم في شراء الطائرات، دعم في منح المميزات، دعم في منح الصلاحيات، ودعم في منح التميز وضمان الانفراد بخاصية الناقل الوحيد وقصر الإركابات الحكومية وشراء التذاكر لجميع موظفي القطاع العام وجزء كبير من القطاع الخاص المتعاون على هذا الناقل المستفرد بالمميزات. أسباب النجاح هذه لو توافرت لسائق (أتوبيس خط البلدة) لتحول في بضع سنين إلى كيان عظيم وناقل لا يشق له غبار، فكيف بأسطول جوي يشق السحاب ويحظى بميزة الانفراد في بلد شبه قارة مترامي الأطراف وافر المناسبات تكفيه السياحة لأداء الشعائر (الحج والعمرة) لتجعل من ناقله المدلل أكبر أسطول جوي. في المقابل، ما الذي حدث؟! وماذا كان شكل رد هذا الناقل عطف وحنان الوطن عليه؟! وهل حقق الدلال نجاحا أم فشلا؟! وهل ولد الحنان بِراً أم عقوقاً. لا أظن أن مؤسسة لا عامة ولا خاصة تسببت في تعكير المزاج العام للناس مواطنين ومقيمين وزوارا مثل ما فعلت الخطوط السعودية هذا العام. ولا أعتقد أن مؤسسة أخرجت أكثر الناس هدوءًا عن طوره وأحرجته مثل ما فعلت الخطوط السعودية. ولا أضرت بالسياحة الداخلية مثلما أضرت هذه الخطوط. سابقا، كنا نقول إن سائق (التاكسي) هو من يعطي الانطباع الأول عن البلد ويحدد الشعور المبدئي الذي لا يلبث أن يرسخ في كون هذا البلد متطورا أم هو للتخلف أقرب، أما اليوم فإن (التاكسي الجوي) وهذا مسماه لدى بعض الدول المتقدمة هو صاحب ختم ودمغة الانطباع الأول عن البلد الذي ينتمي إليه، وللأسف فإن الخطوط الجوية العربية السعودية تظلم الوطن بعقوق منقطع النظير وضعنا خطأً في قائمة لا نستحقها مقارنة بدول لا يمكن أن تقارعنا التقدم والرقي الذي حققناه اقتصاديا وصناعيا وتجاريا وعلميا ومكانة دولية وسياسية وتعدادا وعدة، لكنها وبفعل عقلية صانع الانطباع الأول وهو الناقل والمطار أصبحت تختال علينا خطأً وظلما وبهتانا لا لشيء إلا لأن العرج أصابنا فتطور لدينا كل شيء إلا الناقل والمطار؟!. إن ما يحدث هذه الأيام في الخطوط السعودية من فوضى وغياب للنظم والإجراءات الثابتة والتعامل مع الأحداث بروح الحل الوقتي أو عدم الحل والاعتماد على القرار الإداري العشوائي تسبب حتى في نزوح الكفاءات الفنية من الطيارين السعوديين والكفاءات الإدارية والكفاءات الهندسية بحثا عن جو عمل تكون السيادة فيه لنظام صارم واضح والتقدير فيه لمن يعمل من أجل النجاح، وإذا كان ظاهر الخطوط السعودية في تعاملها مع الركاب هو الفوضى والارتجالية، فهل يمكن أن ينم هذا عن غير داخل إداري أكثر فوضى. نريد لخطوطنا السعودية أن ترد دين هذا الوطن وتبرّه، لا أن تكون وجها قبيحا مصطنعا لا ذنب لنا فيه. www.alehaidib.com للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 262 مسافة ثم الرسالة