على الرغم من الدعم اللا محدود من قبل الدولة لخطوطنا السعودية فإن السعودية أمس مثل السعودية اليوم في عدم التنظيم، وعدم وجود مقاعد متوفرة للمواطنين والمقيمين والمعتمرين والزوار لجميع مناطق المملكة. فالواقع يقول لنا إن إحدى أهم العقبات التي تواجه السياحة الداخلية في بلدنا هي خطوطنا السعودية التي تحتاج إلى غربلة على مستوى قياداتها الإدارية. الأمر الغريب والمحير أن الخطوط السعودية محتكرة كل شيء، ولكن الكارثة تكمن هنا، والعياذ بالله، في كونها غير قادرة على خدمة المواطنين في الداخل والخارج، وفي الوقت ذاته لا تترك شركات الطيران المحلية أو الأجنبية تقدم خدماتها للمواطنين داخل المملكة وخارجها، أي نحن كمواطنين أمام أمر واقع يقول لنا علينا أن ننتظر متى تفتح السعودية رحلاتها على الانترنت أو عبر الهاتف أو مكاتبها لكي نجد مقاعد لنا ولأولادنا لكي يتواصلوا مع الحبيب والقريب والبعيد. الأمر المضحك الآخر أن السعودية تعمل دعايات لها في القنوات الفضائية ونحن لا نجد مقاعد! ما الفائدة من تلك الدعايات إذا كانت المقاعد غير متوفرة أو محجوزة سلفا؟! ولكن يبدو أن هناك بندًا للدعايات بمئات الملايين لا بد من استنزافه؟! والذي يريد أن يعرف أننا محقون ومنصفون في كلامنا فما عليه إلا الدخول على موقع السعودية على الانترنت لكي يرى بأم عينه العجب العجاب، أي انه ليست هناك مقاعد متوفرة على خطوطنا لأمريكا أو أوروبا أو آسيا أو غيرها لأشهر قادمة أو حتى لمصايفنا في أبها والطائف والباحة وغيرها وخاصة في فصل الصيف عندما تتجاوز حرارة الجو في بعض مناطق المملكة الخمسين درجة. أسطول عملاق وطائرات حديثة وصيانة جيدة ولكن تنقصنا العقول التي تدير هذا المرفق الحيوي الذي وضع لخدمة المواطنين. والتساؤلات التي تطرح نفسها هي: لماذا المقاعد غير متوفرة على الرغم من أسطول السعودية الضخم؟ من الذي يحجز تلك المقاعد؟ أو أكثر تحديدا من يقف وراء إشغال المقاعد على جميع الرحلات الداخلية والخارجية؟. الروايات تقول إن أصابع الاتهام توجه إلى مكاتب السفر التي يملك البعض منها بعض موظفي الخطوط السعودية؟! من أجل أن يجبر ويتوجه المواطن إلى تلك المكاتب التي يملكونها أو لديهم حصة فيها من أجل شراء التذاكر منها وإذا كان هذا الكلام صحيحا فإن على مدير الخطوط السعودية تصحيح هذا الخلل الإداري، فمن مسؤولياته حماية المواطن من الحجوزات الوهمية. سوف أعطي مثالا بسيطا على اللامبالاة والتلاعب بكرامة وآدمية المسافرين من قبل بعض البعض من موظفي الخطوط السعودية، ففي رحلة السعودية من الرياض إلى مملكة البحرين الشقيقة، في يوم الجمعة الموافق 2 يوليو 2010م، ورقمها (520) تأخر إقلاع الرحلة قرابة ثلاث ساعات وعشرين دقيقة وأقلعت نحو الساعة (6و15 دقيقة) مساء بدلا من موعدها المحدد الساعة( 2و55 دقيقة) والسبب، حسب ما يقول المشرف، سبب مضحك ويدل على الاستهتار واللامبالاة من قبل بعض المشرفين وغيرهم من المسؤولين في السعودية المناطة بهم تشغيل طائراتنا وفق أحدث أساليب الإدارة، يعود إلى أن أحد المضيفين تأخر طيلة تلك المدة ثم بعد ذلك وجدنا على الطائرة احد المضيفين “متدرب” باللغة الانجليزية (Trainee). بالطبع في ذلك الموقف لا تعرف من هو قبيلك لكي تأخذ وتعطي وتتحدث معه أو تعرف متى موعد إقلاعها الجديد، فكل مسؤول يزحلقك على الآخر، أحد المسافرين وهو من دولة البحرين الشقيقة يقول للمشرف إن ابنه مصاب بالقلب وعامل عملية قسطرة وللتو خرج من المستشفى ولا يستطيع الجلوس في المطار لساعات طويلة ويقول له المشرف أن المضيف جاي في الطريق؟!. والبعض الآخر فاتته رحلات دولية مواصلة من مطار البحرين والبركة ليس بالمضيف الذي تأخر أكثر من ثلاث ساعات بل بالفوضى والاستهتار الذي تعيشه خطوطنا الموقرة. والسؤال الذي يطرح نفسه مرة أخرى: هل نحن بحاجة إلى خواجات في خطوطنا السعودية حتى تكون أكثر فاعلية وأكثر احتراما لبني البشر وآدمية الإنسان؟ لماذا شركة طيران الإمارات ناجحة بجميع المقاييس ورابحة المليارات كل عام؟ هل لأن مديرها التنفيذي هو خواجة يضع دائما نصب عينيه المسافر، الذي له حقوق متى ما استنقصت فإنه يرفع قضية على الخطوط، ويطالب بتعويض بالملايين هذا من ناحية ومن ناحية أخرى هو المحافظة على المسافر لكي يستمر كزبون له ثمنه وقيمته في تلك الخطوط التي سبقتها خطوطنا بعشرات السنين؟!. مشكلتنا مع خطوطنا ليس بالطائرات أو المنشآت أو الصيانة؛ بل مشكلتنا هي مع ذلك الخلل الإداري المعشش في عقول بعض من أنيطت بهم مسؤولية إدارة هذا الأسطول الضخم وبخاصة عندما نفاجأ كل صيف أو كل إجازة عيد أو إجازة نصف العام الدراسي إلى آخره.. إننا بحاجة إلى “واسطة” لنظفر بمقاعد لنا ولأولادنا بسبب تلك الحجوزات الوهمية والمقفلة للرحلات. والمشكلة الأخرى بالتموين فوجبات الخطوط السعودية لا تختلف عن مطاعم الوجبات السريعة بل إن مطاعم الوجبات السريعة، على الرغم من أن الأطعمة التي تقدمها فاقدة لقيمتها الغذائية وأحد أهم أسباب السمنة لدى شبابنا صغار السن وأحدثت ترهلا في أبدانهم، ليس لها قيمة غذائية ولكنها تفوقت على أطعمة تموين خطوطنا السعودية. المشكلات التي نعاني منها منذ عشرات السنين من قبل البعض من الموظفين في خطوطنا السعودية ليس لها إلا حل واحد اسمه “الخصخصة”، كما هو معمول به في الاتصالات حيث كانت الواسطة -في ذلك الوقت- سيدة الموقف لإدخال هاتف ثابت أو جوال عندما كانت حكومية وألزمتنا بدفع عشرة آلاف ريال من أجل الحصول على خدمة جوال واحد، أما الآن فإن شركة الاتصالات بعد تخصيصها صارت تعرض الهواتف الثابتة والمتحركة وخدمات الانترنت وغيرها بل يعطونك تليفونًا آخر مجانا أو غيرها من الحوافز والمقبلات؟!. بالطبع لا نتوقع بعد الخصخصة لخطوطنا السعودية أن موظفي الخطوط سوف يبعثون بمقاعد الطائرات إلى بيوتنا؛ بل نريد لهذا الخلل الاداري الذي عشش في عقول بعضهم أن ينتهي لا نريد لهذا الخلل الإداري أن يستمر وإلا فإن المشكلات ستتفاقم لا محالة بسبب ذلك.