صديقي إنسان مسالم ونظامي للغاية، (كافي الناس خيره وشره)، فبرنامجه اليومي من البيت للعمل للمسجد، لكنه تعرض قبل شهر ونصف تقريبا لموقف لا يحسد عليه، فقد استقل سيارته (العائلية) الجديدة، مصطحبا زوجته وأطفاله، من أجل قضاء أجمل اللحظات على شاطئ البحر، حيث الأمواج والنسمة والجو العليل، ولم يكن يعلم ذلك الصديق العزيز بأنه سوف يقضي (الويكند) في غرفة التوقيف!. القصة بدأت عندما كان يقود سيارته بسرعة لم تتجاوز الستين، وبالقرب من إشارة المرور (الخضراء) اعترض طريقه بشكل مفاجئ (أحد المتسولين) كان يقطع الشارع ذهابا وإيابا قبل أن يرمي بنفسه أمام السيارة لتدهسه، عندها تم حمل المتسول بسيارة الإسعاف المجهزة بالكامل، فيما أخذت إثباتات صديقي وأحيل إلى قسم الشرطة، وهناك اتضح له بأن ذلك الشخص متخلف، (أي بدون إقامة نظامية)، وقد أزعج المارة بوجوده وتصرفاته منذ أكثر من سنتين، ومع هذا أتخذ بحق صديقي المواطن كافة الإجراءات النظامية والاحتياطية، حيث تم توقيفه (مع عتاة المخالفين والمتهورين)، وتم تعليق الإفراج عنه، (مع أنه يوم إجازة)، بتقديم كفالة حضورية من قبل مؤسسة أهلية مختومة ومصدقة من الغرفة التجارية، إلى جانب تقديم كفالة غرم وأداء من أحد الأشخاص مصدقة من عمدة الحي. أول ما تم إطلاق سراحه بالكفالة، توجه لزيارة المصاب للاطمئنان عليه، فوجده لا يزال بالعناية المركزة يحظى بالمتابعة الفائقة، وحالته وفقا لرأي الطبيب المعالج حرجة بعض الشيء، عندها عاد صديقي إلى بيته ليطمئن على حال زوجته وأطفاله ويعتذر منهم لأنه (دون أن يقصد) أفسد عليهم رحلة الاستجمام التي طالما انتظروها بسبب مشاغله وارتباطاته، ليبادلوه الاعتذار بالدموع، لما سببته له هذه النزهة من متاعب، مبدين ندمهم، وموضحين بأنه كان عليهم أن يجلسوا حبيسي البيت (بين أربعة جدران) ليتركوا (الحرية) لأولئك المتخلفين والمتسولين الذين يجوبون شوارعنا ويستنزفوننا دونما حسيب ولا رقيب!!. ودع صديقي عائلته، عائدا إلى الجهة المختصة تمهيدا لاستكمال الإجراءات، وأكثر ما كان يشغل تفكيره أن يتوفى ذلك الشخص، لأن هذا يعني السجن والدية، لكنه لم يخطر بباله، (وربما لن يخطر ببالك عزيزي القارئ)، أن يتمكن ذلك (المتخلف) من نزع الأجهزة الطبية والهرب من المستشفى دون أن يجد من يمنعه أو (يوقفه)، ليعود لممارسة نشاط التسول (مستثمرا صحته المتردية)، فيما بقي صديقي (حبيس) الحيرة والانتظار، بعد أن تم إبلاغه بأنه من غير الممكن إقفال ملف القضية، (فربما عاد المتخلف ليسأل عن المعاملة)!!.