في أواخر الستينات من القرن الماضي كان ماو تسي تونج، هو الزعيم الأبرز في الصين الشيوعية، (الصين الحالية)، وكان لفكره دور بارز في سير الحياة فيها، وهي بلد مترامي الأطراف كما نعلم جميعا، وسكانه آنذاك يتجاوز عددهم السبعمائة مليون نسمة، وقد وصل هذا العدد حاليا إلى ما يزيد عن مليار نسمة، وكانت السلطات الصينية ولا تزال حريصة على تأمين الرعاية الصحية لجميع سكان البلاد، ولم يكن عدد الأطباء يغطي احتياجات السكان، كما أن تأمين العدد الكافي لم يكن أمرا يسيرا، لاسيما أن إعداد الطبيب يحتاج لسنوات طويلة، لذا اقترح ماو أن يتم إعداد ما يسمى (الطبيب الحافي)، وتم عمل برامج في الجامعات لإعداد الطبيب خلال أربع سنوات بدلا من سبع، على أن يتم تأهيله لتشخيص الأمراض الشائعة، والأكثر انتشارا، ويدرس الطالب خلال هذه السنوات الأربع الفكر الشيوعي، بحيث يقوم بعد تخرجه بحمل حقيبته التي تحتوي على سماعته الطبية وميزان الضغط، وبعض الأدوية ويقوم بالسير على الأقدام لزيارة القرى واحدة تلو الأخرى، يطرق في كل قرية الأبواب بابا تلو الآخر، ويدخل البيوت ليجلس مع أهلها، يفحصهم جميعا، ويصف لهم الأدوية المناسبة، ويجلس معهم ليتحدث إليهم عن فكر ماو تسي تونج، والمعروف أن للأطباء عبر العصور وزن عال في نفوس الناس، فهم من يعين المريض على الشفاء من مرضه، وحاجة الناس إليهم لا تنقطع، ومكانتهم الاجتماعية كانت دائما عالية، وبالتالي كان الطبيب الحافي يلقى احتراما وتقديرا عاليين، مما يجعل لكلامه تأثيرا كبيرا في نفوس الناس، وهو عين السبب الذي يجعل للأطباء التبشيريين في أفريقيا أثرهم في تنصير من يعالجونهم ويخففون آلامهم، وهو عين السبب الذي جعل للتجار المسلمين عبر العصور الماضية ذلك الأثر الذي جعل ملايين المسلمين في شرق آسيا يدينون لذلك النفر من التجار، ولهم يرجع الفضل في هدايتهم ودخولهم في هذا الدين، وفي وقتنا الحاضر ما أحوج العديد من بلدان العالم الإسلامي للأطباء الحفاة على الأقل لعلاج الكثير من الأمراض السارية، ولو تم الاهتمام أكثر بإعداد الأطباء وتأهيلهم طبيا ونفسيا ودينيا، لكانوا أكثر تأثيرا في نفوس المرضى، الذين يكون وضعهم العضوي والنفسي مناسبا جدا لاستدخال العديد من القيم والأخلاق التي اضطربت لدى بعض الناس، ولو تم ذلك لكان للطبيب آثار متعددة، فهو عامل مساعد في زيادة الوعي الصحي، وفي علاج الأمراض، وفي تصحيح القيم والأخلاق بين الناس، والمؤسف أن بعض زملائنا ينسون ما لهم في نفوس الناس من احترام، وتأثير، ويتصرفون في المحافل العامة وأمام الناس كما لو كانوا أشخاصا عاديين، والحقيقة أنهم نماذج أرادوا ذلك أم لم يريدون، وبالتالي فمن كانت مكانته في موضع القدوة، سيؤثر سلوكه على من يقتدي به، حتى لو لم يقصد أن يكون لسلوكه ذلك الأثر، وحين يرى ابن الطبيب أو تلميذه أو حتى مريضه وهو يمارس سلوكيات مرفوضة أخلاقيا، فإنه يعطي في بعض الأحيان لهذه السلوكيات الخاطئة ما يدفع المشاهد له لتقليده، ويصبح فكره ذو تأثير قوي على مرضاه، لاسيما أن المريض تزداد لديه القابلية للإيحاء، ولو وظف الطبيب هذه القابلية لاستطاع أن يستدخل الكثير من التفاؤل في نفوسهم، كما يستطيع أن يستدخل الكثير من الدافعية والقيم في نفوسهم، وبالتالي يستطيع أن يكون سببا لشفائهم، وسببا لتصحيح الكثير من الأخطاء السلوكية غير المقبولة، لأنه قدوة ونموذج، وصاحب مكانة عالية. للتواصل ارسل رسالة نصية sms الى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 146 مسافة ثم الرسالة او عبر الفاكس رقم: 2841556 الهاتف: 2841552 الإيميل: [email protected]