كان هذا شعار أحد المعارف الذي التقيته بعد تسلمه منصب المدير العام لشركة كبرى بأيام معدودة. فبعد أن تبادلنا التحايا وباركت له بالمنصب الجديد، أشرت عليه بالاستفادة من ذوي الخبرة والكفاءة .. وفجأة امتعض وارتسم الاستياء على محياه وقاطعني مرددا الشعار أعلاه ..، واستطرد متسائلا وبلهجة لا تخلو من «الغطرسة»: كيف تطلب مني أن أتعلم وأنا لدي خبرة طويلة في المجال الإداري. وحاصل على مؤهل عال، وعاجلته قائلا: لكن هذا لا يعني ألا تتعلم وتستفيد من الآخرين، بل على العكس لعل ذلك يكون حافزا لا كتساب المزيد من المعرفة. فالإنسان يظل يتعلم حتى آخر لحظة في حياته. أضف إلى ذلك أن كل منظومة عمل لها أسلوبها وفلسفتها في تسيير دفة العمل. وبادرني قائلا وبشيء من الاستهجان: أتريدهم أن يقولوا عني جاهل.. وقتئذ سيستغفلونني !!.. لا أخفيكم ضحكت باستغراب وتعجب على كلامه ! فكيف يصدر مثل هذا الكلام من مدير عام، والأغرب بل والمثير للسخرية .. كيف يعين مدير بهذا السقف من التفكير؟. المهم لملمت سخريتي وعلامات الاستفهام .. لعلي أستطيع استئناف الحوار لإقناعه بعدم جدوى توجهه، مع أن الجواب «باين من عنوانه» فقلت له الجاهل ليس من يطلب المعلومة أو يستجدي المعرفة كما تتصور بل الجاهل الحقيقي هو من يزعم علمه بالشيء ويخطئ فيه. وقتذاك يصبح موضع سخرية وتندر بل ربما (الاستغفال) الذي تخشى أنت منه !. يبدو أن الحديث لم يعجبه وعمدت لتغيير الموضوع، وبعدئذ ذهب كل منا لشأنه وبعد قرابة أسبوع التقيت صدفة بنائبه وسألته عن المدير العام. فقال: الجميع مستاؤون منه، فهو لا يقبل أي اقتراح أو رأي، فقط يوجه رغم أن أغلب توجيهاته وقراراته مخطئة وعقيمة، والويل لمن يقول له ذلك. وسألته هل هو فعلا متبن شعار (أتيت لأعلم لا لأتعلم) فضحك بامتعاض وقال: نعم، هذا هو منهجه وأسلوبه في العمل، والمؤكد أنه سيفشل. وبالفعل كما كان متوقعا بل كما هو مفترض. فبعد أقل من شهر من تعيينه أنهي عقده لكثرة أخطائه ولسوء إدارته. الأمر الذي تسبب في خسائر مالية كبيرة، فضلا عن الأضرار التي لحقت بالعاملين والإدارة برمتها (تطفيش فصل استقالات إلخ)، جراء صلافة أسلوبه وتعسف قراراته. وختاما.. نصل للقول إن كلمة مدير لا تعني بالضرورة العلم والإلمام بالإدارة من ألفها إلى يائها. بل هي القدرة على محاكاة العاملين والتفاعل معهم من خلال تبادل المعرفة والخبرات، وهو ما يعرف بالتبادل المعرفي (صعودا و نزولا). فالمدير الناجح ليس الأكثر علما ودراية كما قد يتصور البعض بل الأكثر فهما واستيعابا لمرؤوسيه، فالمدير كلما عرف موظفيه كسبهم واستفاد منهم وأفادهم. مجمل القول .. يستطيع أن يوجههم بشكل صحي وعملي بعيدا عن التعنت الممزوج بالجهل أو الغلو بالذات أو بهما معا. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 229 مسافة ثم الرسالة