الأكيد لا يوجد كاتب يستحوذ على جل القراء مهما تميزت كتاباته وتألق قلمه.. والأكيد أيضا لا يوجد قارئ يستعذب ما يسطره كل الكتاب ويقرأ لهم جميعا دون استثناء. وبذات القدر من الانجذاب. فالقراء يختلفون في ميولهم وتوجهاتهم بل ودرجة ثقافتهم، وهذا التباين لا شك يجعلهم ينقسمون في قراءاتهم فهم يجدون ضالتهم في كتابهم نظرا لأنهم أيضا أي الكتاب يختلفون ويتمايزون فيما بينهم. وهذا يقودنا للقول إن الاختلاف والتباين بين القراء والكتاب هو الرابط وحلقة الوصل بين الكاتب والمتلقي. هذه المقدمة كانت جزئية من ردي على أحد الزملاء الكتاب، كان قد اتصل بي منوها عن مقال لكاتب ما قائلا: تمنيت لو أنني كتبت هذا المقال، لكن يا خسارة لقد سبقني ذاك الكاتب «وأحرق» الفكرة..! فقلت له وبشيء من الاستغراب: إن لكل كاتب أسلوبه وطريقته في الطرح، فكون الكاتب تطرق لموضوع ما فهذا لا يعني أن بقية الكتاب يصرفون النظر عن ذات الموضوع.. وقاطعني قائلا: لكن الفكرة كانت رائعة ومميزة، فضلا عن أنها تهم المجتمع.. وعاجلته بالقول: يجب أن يجعلك ذلك أكثر حرصا وإصرارا على الكتابة في الموضوع. وانبرى قائلا: لكن! واستشعرت أنه كان يريد أن يقول: إن الكاتب حاز على السبق بالفكرة، والتميز بالطرح. وطمأنته مجددا: إن لكل كاتب معالجته الخاصة والفريدة، زد على ذلك أن لكل منكما قراءه (المقدمة سالفة الذكر)، المهم أن لا يكون همك التفوق على ذلك الكاتب ومنازلته، فالنجاح الأهم والأجدى هو الوصول للقراء وحل قضاياهم، إلى هنا انتهت المكالمة. لكن يبقى أن نقول: إنه لا مكان للإحساس بالغضاضة أو التردد في الكتابة في موضوع سبقت الكتابة فيه. بالمناسبة كثيرا ما يلفت نظري ويزيد إعجابي ببعض الكتاب «المتألقين» حينما يكتبون في مواضيع سبقهم إليها كتاب أقل منهم تألقا وربما حديثي العهد بالكتابة، وكانوا يشيرون بكل تواضع في مطلع مقالاتهم (سبقني الكاتب الفلاني). هل هؤلاء الكتاب بحاجة للانتشار أو مزيد من الشهرة؟ بالطبع لا.. وإلا لما تناولوا مواضيع سبقهم إليها كتاب آخرون، فالأكيد أن هدفهم وصول الفكرة أو الطرح إلى أكبر عدد من القراء، وهذا الدافع نابع من الحس الصحافي العالي بأهمية الحدث أو القضية والتعامل معها بما يمليه عليه واجب المهنة وأبجدياتها. وختاما نقول: إن الفكرة هي الدواء أو العلاج، والكتاب هم الأطباء «الجراحون» المعالجون، ولكل منهم «مشرطه» ودواؤه. ويتقاطعون جميعا حول هدف واحد هو العلاج ولا شيء غير العلاج. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 229 مسافة ثم الرسالة