لا يمكن لمشكلة محدودة الأطراف في الأندية الكبيرة أن تستمر تجاذباتها وتداعياتها، كما يحدث الآن في قضية الكابتن محمد نور، مع مدير الكرة ومساعد المدرب، إلا إن كانت القضية هي عبارة عن قمة جبيل جليد لخلافات كبيرة، فالقارئ بعمق وحياد لهذه المشكلة، يكاد يرى من خلال ومضة نور السجالات الدائرة حول هذه القضية، جبلا كبيرا من خلافات تدور بين مراكز قوى مؤثرة، مع ملامح شبه ظاهرة لتدخل خارجي، إن عبر دعم فريق على حساب الآخر من أطراف أرهقها تعملق الإتحاد، أو احتضان إعلامي لا يمكن إنكاره حتى وإن حسنت الظنون بمراميه .. لست قريبا من البيت الاتحادي، ولكنني من المعجبين بهذا النادي الثمانيني العملاق، يدهشني مجده وعصيانه على الانكسار، لذلك أشعر بالضيق وأنا أتابع قراءة ما بين السطور في واقع الاتحاد اليوم، وأخشى ما أخشاه، أن يذهب الجميع باتحادهم إلى الأنفاق المظلمة، فيتوه الجميع في الظلام، ويمضي الزمن وهم يتلاسنون حول الاتجاه الصحيح للخروج من العتمة .. إن صحت القراءة بأن مشكلة نور، هي عنوان لرواية طويلة من خلافات كبار الاتحاديين، فعلى رجالات الاتحاد أن يقرأوا بمسؤولية تاريخ أندية كبيرة، ضربت فيها الخلافات الشرفية ضرباتها حتى أصابتها بالشلل، فأضاعت سنوات من تاريخها وهي تتبادل القصف بقذائف مغلفة بما يسمونه مصلحة الكيان، حتى أرهقوا الكيان وشوهوا التاريخ وأوقفوا المسيرة. الاتحاد ناد عملاق، أكبر من مدرب ومدير كرة، وأكبر من نجم ورئيس ومن عضو شرف، لذا فالتاريخ لن يرحم أحدا، حتى وإن رفع الجميع على أسنة الرماح مصلحة الاتحاد، لذا على كبار الاتحاديين أن يجتمعوا ويناقشوا الأمر بمسؤولية تاريخية تتناسب مع تاريخ ناديهم، وأن يجدوا حلا جذريا لجميع المشكلات التي يمر بها ناديهم، حتى لو اقتضى هذا الحل التضحية بكبار من أجل مصلحة الاتحاد الأكبر. من واقع خبرة طويلة في التماس مع مثل هذه المشكلات، فإني أحذر الاتحاديين من الحلول التوافقية الهشة، لأنها لا تعالج أساس المشكلة، بل هي عبارة عن تأجيل يمنح المشكلة مساحات للنمو في الأمكنة المواربة، حتى تصبح أكبر من جميع الحلول، ويبدو لي أن التأجيل والمجاملة قد بدأت فصولها منذ سنة، فالمشكلة الإتحادية ليست وليدة اليوم، بل إن ملامحها كانت واضحة للجميع منذ الموسم الماضي، والمؤسف هو دخول أطراف متعددة في ساحة الخلافات، من لاعبين وإداريين وجماهير وإعلام، مما خلط الأوراق، وعزز مواقف بعض مراكز القوى. ما يمر به الاتحاد، أكبر من مشكلة لاعب نجم مع إداري أو مدرب، وعلى الحريصين على الكيان الاتحادي أن يواجهوا المشكلة ويحددوا أسبابها، بدون تهويل ولا تهوين، فتوصيف المشكلة بدقة متناهية هو نصف الحل، أما النصف الآخر فلدى أهل الحل والعقد في عميد أندية الوطن.