اخترق مشتاق الهندي محيط مصنع ذهب سري في حي الكندرة، ونجح في جمع معلومات مهمة عن طبيعة نشاطه وخصائص العاملين فيه، ليخلص إلى أنهم من متخلفي العمرة والموظفين العشوائيين ففكر في سرقته مستعينا بخبراته الإجرامية. لم يكن في مقدور مشتاق تنفيذ المخطط بمفرده، فاستعان بشاب في مقتبل العمر تزعم الشبكة المكونة من خمسة آخرين من الجنسيات اليمنية والبنجلاديشية، واتفقت إرادة الستة على احتيال صفات أمنية لدهم الموقع المستهدف وسرقة محتوياته تحت التهديد مع استغلال طبيعة العمال المخالفين وعدم قدرتهم على تبليغ السلطات الأمنية. وبحسب تقارير الأمن فإن الهندي مشتاق نقل حزمة المعلومات إلى الزعيم محسن، الذي أعد خطة احتيالية ماكرة لدهم المصنع والسيطرة على عماله، ورجحت معلومات عاجلة وصلت إلى الأجهزة المختصة تورط الشبكة في عدة اعتداءت على مصانع تعمل على صهر الذهب المستخدم وإعادة تشكيله. توزيع مهمات الاعتداء أكد مشتاق لزعيم الشبكة أن كل العاملين في المصنع المستهدف من متخلفي العمرة، وهو الأمر الذي حفز محسن للإسراع في تنفيذ الخطة مستغلا صمت العمال المخالفين وخشيتهم من المساءلة بسبب مخالفتهم لأنظمة الاقامة. إمعانا في تأكيد جديته في التعاون والتنفيذ جلب المتهم مشتاق أحد معارفه للعمل ضمن المنظومة الإجرامية ليتولى جمع معلومات إضافية عن الهدف وتحركات العاملين وساعة خلودهم للنوم، كما تكفل بمراقبة المكان وحصر عدد العمال المكلفين بالحراسة والمبيت في المصنع، فوضع الزعيم محسن خطة مخادعة وحدد ساعة الصفر وتوزيع المهمات، حيث يتكفل أحدهم بتجهيز مركبة تقل الأفراد من وإلى مسرح الجريمة، فيما اقتصر دور المتهم اليمني على حراسة زملاءه وحمايتهم من المخاطر المحتملة، وفي الساعة الواحدة فجرا توغل مشتاق إلى عمق حي الكندرة قبل أن يطرق باب مصنع الذهب فلم يستجب له السكان، ما دعاه إلى مواصلة الطرق العنيف كي يوحي لضحاياه تبعيته إلى جهة أمنية، ولما استعصم السكان بالرفض، اقتحم الزعيم محسن ورفاقه باب المنزل وطلبوا من العمال الانزواء بعيدا والخضوع للتفتيش، ثم بادروا إلى تمشيط كل أرجاء المنزل قبل التحفظ على كميات كبيرة من المشغولات الذهبية، لم يكتف الجناة بترويع العمال وتخويفهم، فزعموا أنهم من رجال الأمن واخضعوا الضحايا للاستجواب، إذ تولى الزعيم محسن قيادة فريق التحقيق وسؤال العمال عن مصدر الذهب المسروق، فيما تظاهر رفاقه برفع البصمات. صدرت تعليمات سريعة من زعيم المحتالين بحجز كل العمال في غرفة واحدة ريثما تنتهي أعمال التحري الوهمية، مضت الدقائق بطيئة على العمال المحتجزين قبل أن يتنبهوا إلى هدوء الحركة، فخرج أحدهم من الحجز الإجباري ليكتشف اختفاء الذهب ورجال الأمن المزيفين. مشتاق أول الخيط لم يشأ العمال المخالفين إبلاغ السلطات، خشية وقوعهم تحت طائلة المساءلة فنصحهم أحد معارفهم بضرورة إبلاغ السلطات. في اليوم التالي من جريمة السطو أعدت وحدة مكافحة جرائم الأموال في شعبة التحريات والبحث الجنائي في شرطة جدة خطة تعقب وملاحقة الشبكة متعددة الجنسيات، وتولى رئيس الوحدة مهمة تشكيل فريق عمل لجمع المعلومات ورصد تحركات الجناة الفارين، لتثمر عمليات التمشيط والتحري والاستماع لإفادات الضحايا والاستعانة بالرسوم التقريبية عن تحديد الاشتباه في عامل هندي يحاول تسويق مشغولات ذهبية بأسعار منخفضة، وتم توقيفه في الحال وإحالته إلى التحقيق المكثف فأنكر في بادئ الأمر علاقته بالجريمة، غير أنه تراجع سريعا بعدما تعرف الضحايا على مشغولاتهم المسروقة فأرشد على رفاقه. وبحسب المتحدث الرسمي المكلف في شرطة جدة الملازم أول نواف البوق، فإن ستة متهمين من جنسيات مختلفة يخضعون حاليا للتحقيق والاستجواب بعد تورطهم في السطو على مصنع ذهب في حي الكندرة، وأضاف المتحدث أن السلطات تحفظت على المسروقات وتتحرى عن سوابق أعضاء الشبكة وعلاقتهم بالجرائم المماثلة.