على إيقاع الدفوف واشتعال الراقصين ونكهة القهوة العربية وفوح البخور وأنين الربابة، انطلقت أمس الأيام الثقافية السعودية في الصين، التي تنظمها وزارة الثقافة والإعلام وتستمر خمسة أيام في مركز النصب الألفية في العاصمة الصينية بكين، بمناسبة مرور 20 عاما على العلاقات السعودية الصينية، وذلك بحضور سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الصين يحيى بن عبد الكريم الزيد، والمستشار والمشرف على الإعلام الداخلي في وزارة الثقافة والإعلام عبدالرحمن بن عبد العزيز الهزاع، ونائبة وزير الثقافة والإعلام في جمهورية الصين الشعبية تشاو ساو هو. الافتتاح بدأ باستقبال احتفالي، تلته جولة على الأجنحة المشاركة في المعرض، عرف من خلالها الهزاع الطرف الصيني بمكونات الأجنحة، بدءا من جناح صور الحرمين الشريفين ومراحل التطور التي مرت بها خلال العقود الماضية، وخطوات التوسعة التي أمر بإنشائها خادم الحرمين الشريفين، إضافة إلى عرض مصور عن جهود معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج. وفي بداية الحفل، عبرت نائبة وزير الثقافة والإعلام الصينية عن سعادتها بحضور افتتاح أنشطة الأيام الثقافية السعودية في الصين، وعمق العلاقات الثنائية التاريخية بين جمهورية الصين والمملكة العربية السعودية، مرحبة باسم وزير الإعلام الصيني بالوفد السعودي المشارك في هذه الأنشطة. من جانب آخر، ألقى عبد الرحمن الهزاع كلمة نيابة عن وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة، نقل فيها تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، وولي عهده، والنائب الثاني، وتمنياتهم للصين شعبا وقيادة بالرقي والتقدم. وأضاف بأن المملكة حرصت في الاحتفال بمرور 20 عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية مع الصين، على أن يصاحب ذلك تظاهرة ثقافية متعددة الأنشطة، ليتعرف المواطن الصيني عن قرب على ثقافة الشعب السعودي من خلال عدد من الأنشطة التي تعكس تراث المملكة والحركة التنموية التي تعيشها، من خلال عدد من اللوحات والرسومات والأزياء والصور، التي تصف الحرمين الشريفين والفنون الشعبية التي تزخر بها البلاد. وفي الجولة التي تلت حفل الافتتاح، لفت أنظار الجمهور الزائر المستوى العالي من الاهتمام، وتوظيف أقصى حالات التقنية لتحقيق الطمأنينة والراحة لزائري الحرمين الشريفين، ثم وقف الزائرون طويلا أمام معرض النخلة والتمر، الذي قدم لزائري المعرض نماذج من تمور المملكة، وتذوقوا خلالها القهوة العربية التي شدت انتباههم، إضافة إلى نكهتها المميزة (نكهة البن والهيل)، التي عطرت أجواء الزائرين وأثارت استغرابهم. واستعرضت المرحلة الثالثة من الجولة الافتتاحية التعريفية في المعرض، نماذج للإصدارات السعودية المعاصرة، في جناح ضم كافة الحراك الثقافي على مستوى النشر في المملكة، ولكنها كأنموذج فقط على الطباعة لا النشر. أما معرض الفنون الجميلة، فكان درة المعرض ثراء وتنوعا وإبداعا، حيث اشتمل على نماذج متميزة من اللوحات التشكيلية، والمنحوتات، والصور الفوتوغرافية، والخط العربي، وقد توقف عندها الحضور كثيرا ولفتت انتباههم، كما تجلى ذلك من كثرة الصور التي التقطت للمعروضات المشاركة، والأسئلة التي طرحت من قبلهم على مشرفي هذه الأجنحة. وجاءت بعد ذلك، محطة صور النهضة النفطية في المملكة اكتشافا وتنقيبا واستخراجا، وانتهت الجولة على أجنحة المعرض في معرض الأزياء والحلي والعطور الشرقية، وكانت لحظة الحناء هي اللحظة الفارقة لدى حاضري المعرض، حيث أعجبوا بالنماذج التي رسمتها السيدة ندى الدوسري على كفوف الصينيات. وقبيل الخروج من قاعة المعرض والتوجه إلى قاعة الحفل الخطابي، استوقف أنين الربابة نائبة الوزير الصيني، وجلست تستمع إلى آهات الربابة بإنصات. لقطات من الأيام * وجد الخطاط عباس أبو مجداد إقبالا كثيفا من زائري المعرض، حيث قدموا له كروتا تحمل أسماءهم وطلبوا منه كتابتها، فاستجاب لهم، وتحول أبو مجداد من خطاط عربي إلى رسام للغة الصينية في الصين، ولكنه لم يكتف بذلك، بل قام بخط بعض الآيات الكريمة من القرآن الكريم، وأسماء بعض الحاضرين من مسلمي آسيا وأفريقيا المقيمين والدارسين في بكين. * ابتكر الفنانان التشكيليان عثمان الخزيم ونجلاء السليم، مبادرة لترسيخ هذه المناسبة في ذاكرة الشعب الصيني وبالتحديد أهالي بكين، بشروعهم في رسم جدارية ضخمة بهذه المناسبة، وبمناسبة مرور 20 عاما على العلاقات السعودية الصينية، وقد أيد ودعم هذه الفكرة رئيس الوفد السعودي عبد الرحمن الهزاع، وتم الاتفاق على أن تهدى فور الانتهاء منها إلى بلدية بكين لتختار لها موقعا توضع فيه. * طغى الحضور النسائي بشكل كثيف على نسبة حاضري اليوم الأول من المعرض، ولم يكن من الصينيات فقط، بل شمل الحضور عددا من الجنسيات الآسيوية والأوروبية، وبالذات من بولندا وأوكرانيا ودول الاتحاد السوفيتي السابق. * تسابق الحضور على اقتناء هدايا المعرض، من صور للحرمين الشريفين وعينات من التمر، وكانت محط تسابق لفت انتباه جميع المشاركين والحاضرين. * الأزياء السعودية التقليدية التي ارتداها الراقصون والمضيفون، كانت محل دهشة المختصين، حيث كان تنوعها وألوانها الزاهية وحجم التطريز بها ملفتا للغاية، ما دعا إحدى الفتيات الأوكرانيات لسؤال الزميل محمد بودي عن وسيلة الحصول عليها، فوعدها بتوفير ما طلبت، ولكن بعد العودة إلى المملكة. * حضر المعرض إضافة إلى الزائرين الأجانب، عدد من الطلاب السعوديين في بكين، معتبرين هذه المناسبة فرصة ليشتموا شيئا من رائحة الوطن. * لفتت إحدى المنحوتات، انتباه نائبة الوزير الصيني فسألت عن معناها، ولعدم وجود أحد من الفنانين، قدم الهزاع شرحا وافيا عنها، وأوضح أنها تعبر بشكل أو بآخر عن المشلح العربي بتصور فني إبداعي.